Bidayat Mujtahid
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
Publisher
دار الحديث
Edition Number
بدون طبعة
Publisher Location
القاهرة
أيضا بفضل الرجل. لكن يعارضه حديث ميمونة، وهو حديث أخرجه مسلم، لكن قد علله كما قلنا بعض الناس من أن بعض رواته قال فيه: أكثر ظني، وأكثر علمي أن أبا الشعثاء حدثني.
وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُجِزْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَطَهَّرَ بِفَضْلِ صَاحِبِهِ وَلَا يَشْرَعَانِ مَعًا، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ إِلَّا حَدِيثُ الْحَكَمِ الْغِفَارِيِّ وَقَاسَ الرَّجُلَ عَلَى الْمَرْأَةِ.
وَأَمَّا مَنْ نَهَى عَنْ سُؤْرِ الْمَرْأَةِ الْجُنُبِ، وَالْحَائِضِ فَقَطْ، فَلَسْتُ أَعْلَمُ لَهُ حُجَّةً إِلَّا أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَحْسَبُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
الْمَسْأَلَةُ السّادِسَةُ صَارَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ بَيْنِ مُعْظَمِ أَصْحَابِهِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إِلَى إِجَازَةِ الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ فِي السَّفَرِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: هَلْ مَعَكَ مِنْ مَاءٍ؟ فَقَالَ: مَعِي نَبِيذٌ فِي إِدَاوَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اصْبُبْ. فَتَوَضَّأَ بِهِ، وَقَالَ: شَرَابٌ وَطَهُورٌ» وَحَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِمِثْلِهِ، وَفِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ثَمَرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ» وَزَعَمُوا أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى الصَّحَابَةِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَّهُ لَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ عِنْدَهُمْ.
وَرَدَّ أَهْلُ الْحَدِيثِ هَذَا الْخَبَرَ وَلَمْ يَقْبَلُوهُ لِضَعْفِ رُوَاتِهِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ أَوْثَقَ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ «أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَمْ يَكُنْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ» .
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ لِرَدِّ هَذَا الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء: ٤٣] قَالُوا: فَلَمْ يَجْعَلْ هَاهُنَا وَسَطًا بَيْنَ الْمَاءِ وَالصَّعِيدِ، وَبُقُولِهِ ﵊ «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ إِلَى عَشْرِ حِجَجٍ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ» وَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ هَذَا قَدْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ اسْمُ الْمَاءِ، وَالزِّيَادَةُ لَا تَقْتَضِي نَسْخًا فَيُعَارِضَهَا الْكِتَابُ، لَكِنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ إِنَّ الزِّيَادَةَ نَسْخٌ.
1 / 39