فقالت في توسل: دعني أخرج.
فتلمس يدها في الظلام حتى عثر بها ورفعها إلى فمه، فقبلها مرة مرة ثم قال بصوت مضطرب: بل تجلسين لتستريحي، وستألفين الظلمة فلا تزعجك.
ومال نحوها - فيما يشبه الانقضاض - فرفعها بين يديه، وسار بها إلى نهاية الحجرة وأجلسها على كنبة، وجلس لصقها، وهي مستسلمة من شدة الاضطراب والذهول، ثم قال: دعينا من الأخذ والرد، ينبغي أن نجلس في هدوء وأن نتحدث. لقد تجشمنا مشقة كبيرة في سبيل المجيء إلى هنا، وسيان أن نمكث في الظلام أو النور، ليس هذا بذي بال ولا يصح أن يكدر صفونا.
وتناول ساعدها وأمطره قبلات من شفتيه الغليظتين، وهي ترتجف وتحاول عبثا أن تجمع شتات أفكارها. ثم تزحزحت بعيدا عن جنبه الملتصق بها لتسترد أنفاسها فمال نحوها، ولكنها حالت دونه بيديها، وهي تقول لاهثة: دعني وحدي، إني متعبة.
فاسترد أنفاسه وقال ضاحكا: تشجعي. ما لك خايفة مرتجفة! .. أنت في بيتك، في بيت زوجك.
وكانت نبضات قلبها تدق في أذنيها وتقرع رأسها، فتنفست من الأعماق، وشعرت بيده تتناول يدها فهمت بجذبها ولكنها عدلت عنه، وكأنها استسخفت نفسها، فأبقاها بين يديه، وقال بصوت تغيرت نبراته: كل شيء هادئ ولطيف، إني أرى جمالك رغم هذه الظلمة.
فقالت بلا وعي تقريبا: لست جميلة.
فدلك يدها براحتيه وقال: دعي تقدير هذا لي، إني لا أجن للاشيء ...
وساد الصمت مليا فتركز انتباهها وهي لا تدري في راحتها التي تلتهمها كفاه، وسرت فيها دغدغة بثت في ساعديها وذراعيها وصدرها تخديرا، فاقشعر بدنها وهمست: حسبك ...
فقال بصوت متهدج: أعطيني شفتيك أقبلهما، سأقبلهما كثيرا مائة قبلة أو ألفا، سأقبلهما حتى أموت.
Unknown page