al-Bidayat wa-al-nihayat
البداية والنهاية
Publisher
مطبعة السعادة
Publisher Location
القاهرة
Genres
History
يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ هَلْ تَدْرُونَ مَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ قالوا الله ورسوله أعلم قال قال مَسْجِدٌ فِي السَّمَاءِ بِحِيَالِ الْكَعْبَةِ لَوْ خَرَّ لَخَرَّ عَلَيْهَا يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ وَزَعَمَ الضَّحَّاكُ أَنَّهُ تَعْمُرُهُ طائفة من الملائكة يقال لهم الجن مِنْ قَبِيلَةِ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ كَانَ يَقُولُ سَدَنَتُهُ وَخُدَّامُهُ مِنْهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ آخَرُونَ. فِي كُلِّ سَمَاءٍ بَيْتٌ يَعْمُرُهُ مَلَائِكَتُهُ بِالْعِبَادَةِ فِيهِ وَيَفِدُونَ إِلَيْهِ بِالنَّوْبَةِ وَالْبَدَلِ كَمَا يَعْمُرُ أَهْلُ الْأَرْضِ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ بِالْحَجِّ فِي كُلِّ عَامٍ وَالِاعْتِمَارِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَالطَّوَافِ وَالصَّلَاةِ فِي كُلِّ آنٍ قَالَ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ فِي أَوَائِلِ كِتَابِهِ الْمَغَازِي حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ فِي حَدِيثِ مُجَاهِدٍ «أَنَّ الحرم حرم مناه (يعنى قدره) من السموات السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَأَنَّهُ رَابِعُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْتًا فِي كُلِّ سَمَاءٍ بَيْتٌ وَفِي كُلِّ أَرْضٍ بَيْتٌ لَوْ سَقَطَتْ سَقَطَ بَعْضُهَا عَلَى بعض» ثم روى مُجَاهِدٍ قَالَ مَنَاهُ أَيْ مُقَابِلُهُ وَهُوَ حَرْفٌ مَقْصُورٌ. ثُمَّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ مُؤَذِّنِ الْحَجَّاجِ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ «إِنَّ الْحَرَمَ محرم في السموات السَّبْعِ مِقْدَارُهُ مِنَ الْأَرْضِ- وَإِنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مقدس في السموات السَّبْعِ مِقْدَارُهُ مِنَ الْأَرْضِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشعراء
إن الّذي سمك السماء بنى لها ... بَيْتًا دَعَائِمُهُ أَشَدُّ وَأَطْوَلُ
وَاسْمُ الْبَيْتِ الَّذِي في السماء بَيْتُ الْعِزَّةِ وَاسْمُ الْمَلَكِ الَّذِي هُوَ مُقَدَّمُ الْمَلَائِكَةِ فِيهَا إِسْمَاعِيلُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ السَّبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ اليه.
آخر ما عليهم (أي لا يحصل لَهُمْ نَوْبَةٌ فِيهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ) يَكُونُونَ مِنْ سُكَّانِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَحْدَهَا.
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ٧٤: ٣١ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ مُوَرِّقٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ لَوْ عَلِمْتُمْ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشَاتِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ ﷿» فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ (وَاللَّهِ لوددت أنى شجرة تعضد) ورواه التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَيُرْوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَوْقُوفًا وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَرَفَةَ الْمِصْرِيُّ حَدَّثَنَا عُرْوَةُ بْنُ عمران الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ ابن مَالِكٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا فِي السموات السَّبْعِ مَوْضِعُ قَدَمٍ وَلَا شِبْرٍ وَلَا كَفٍّ إِلَّا وَفِيهِ مَلَكٌ قَائِمٌ أَوْ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ مَلَكٌ رَاكِعٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالُوا جَمِيعًا مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ إِلَّا أَنَّا لَا نُشْرِكُ بِكَ شَيْئًا فَدَلَّ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ عَلَى أَنَّهُ مَا مِنْ مَوْضِعٍ فِي السموات السَّبْعِ إِلَّا وَهُوَ مَشْغُولٌ بِالْمَلَائِكَةِ وَهُمْ فِي صُنُوفٍ مِنَ الْعِبَادَةِ. مِنْهُمْ مَنْ هُوَ قَائِمٌ أبدا. ومنهم
1 / 42