Al-Bidāya waʾl-Nihāya
البداية والنهاية
Publisher
مطبعة السعادة
Publisher Location
القاهرة
Regions
•Syria
Empires
Mamlūks (Egypt, Syria)
يَحْضُرُوا هَذَا الْمَوْقِفَ الْعَظِيمَ فَخَرَجُوا وَهُمْ يَقُولُونَ لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين. وَتَقَدَّمَ مُوسَى ﵇ إِلَى السَّحَرَةِ فَوَعَظَهُمْ وَزَجَرَهُمْ عَنْ تَعَاطِي السِّحْرِ الْبَاطِلِ الَّذِي فِيهِ مُعَارَضَةٌ لِآيَاتِ اللَّهِ وَحُجَجِهِ فَقَالَ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ من افْتَرى فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ ٢٠: ٦١- ٦٢ قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَقَائِلٌ يَقُولُ هَذَا كَلَامُ نَبِيٍّ وَلَيْسَ بِسَاحِرٍ وَقَائِلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ بَلْ هُوَ سَاحِرٌ فاللَّه أَعْلَمُ وَأَسَرُّوا التَّنَاجِيَ بِهَذَا وَغَيْرِهِ قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما ٢٠: ٦٣ يَقُولُونَ إِنَّ هَذَا وَأَخَاهُ هَارُونَ سَاحِرَانِ عَلِيمَانِ مُطْبِقَانِ مُتْقِنَانِ لِهَذِهِ الصِّنَاعَةِ وَمُرَادُهُمْ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِمَا وَيَصُولَا عَلَى الْمَلِكِ وَحَاشِيَتِهِ وَيَسْتَأْصِلَاكُمْ عَنْ آخِرِكُمْ وَيَسْتَأْمِرَا عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الصِّنَاعَةِ فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ من اسْتَعْلى ٢٠: ٦٤ وَإِنَّمَا قَالُوا الْكَلَامَ الْأَوَّلَ لِيَتَدَبَّرُوا وَيَتَوَاصَوْا وَيَأْتُوا بِجَمِيعِ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْمَكِيدَةِ وَالْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ وَالسِّحْرِ وَالْبُهْتَانِ. وَهَيْهَاتَ كَذَبَتْ وَاللَّهِ الظُّنُونُ وَأَخْطَأَتِ الْآرَاءُ. أَنَّى يُعَارِضُ الْبُهْتَانُ. وَالسِّحْرُ وَالْهَذَيَانُ. خَوَارِقَ الْعَادَاتِ الَّتِي أَجْرَاهَا الدَّيَّانُ. عَلَى يَدَيْ عَبْدِهِ الْكَلِيمِ. وَرَسُولِهِ الْكَرِيمِ الْمُؤَيَّدِ بِالْبُرْهَانِ الَّذِي يَبْهَرُ الْأَبْصَارَ وَتَحَارُ فِيهِ الْعُقُولُ وَالْأَذْهَانُ وَقَوْلُهُمْ فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ٢٠: ٦٤ أَيْ جَمِيعَ مَا عِنْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ٢٠: ٦٤ أي جملة واحدة ثم حضوا بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى التَّقَدُّمِ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِأَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ قَدْ وَعَدَهُمْ وَمَنَّاهُمْ وَمَا يعدهم الشيطان إلا غرورا قالُوا يَا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى. قُلْنا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى ٢٠: ٦٥- ٦٩.
لَمَّا اصْطَفَّ السَّحَرَةُ وَوَقَفَ مُوسَى وَهَارُونُ ﵉ تُجَاهَهُمْ قَالُوا لَهُ إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ قَبْلَنَا وَإِمَّا أَنْ نُلْقِيَ قَبْلَكَ قَالَ بَلْ أَلْقُوا ٢٠: ٦٦ أَنْتُمْ وَكَانُوا قَدْ عَمَدُوا إِلَى حِبَالٍ وَعِصِيٍّ فَأَوْدَعُوهَا الزِّئْبَقَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْآلَاتِ الَّتِي تَضْطَرِبُ بِسَبَبِهَا تِلْكَ الْحِبَالُ وَالْعِصِيُّ اضْطِرَابًا يُخَيَّلُ لِلرَّائِي أَنَّهَا تَسْعَى بِاخْتِيَارِهَا وَإِنَّمَا تَتَحَرَّكُ بِسَبَبِ ذَلِكَ. فَعِنْدَ ذَلِكَ سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَهُمْ يَقُولُونَ بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إنا لنحن الغالبون. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ٧: ١١٦. وَقَالَ تَعَالَى فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى. فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى ٢٠: ٦٦- ٦٧ أَيْ خَافَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَفْتَتِنُوا بِسِحْرِهِمْ وَمِحَالِهِمْ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَ مَا فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضَعُ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى ٢٠: ٦٨- ٦٩ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ وَقَالَ مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ١٠: ٨٢.
وَقَالَ تَعَالَى فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ
1 / 255