146

al-Bidayat wa-al-nihayat

البداية والنهاية

Publisher

مطبعة السعادة

Publisher Location

القاهرة

Genres

History
تَعَالَى قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ. قُلْنا يَا نارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلى إِبْراهِيمَ وَأَرادُوا به كَيْدًا فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ ٢١: ٦٨- ٧٠. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ شَرَعُوا يَجْمَعُونَ حَطَبًا مِنْ جَمِيعِ مَا يُمْكِنُهُمْ مِنَ الْأَمَاكِنِ فَمَكَثُوا مُدَّةً يَجْمَعُونَ لَهُ حَتَّى إِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُمْ كَانَتْ إِذَا مَرِضَتْ تَنْذِرُ لَئِنْ عُوفِيَتْ لَتَحْمِلَنَّ حَطَبًا لِحَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ عَمَدُوا إِلَى جَوْبَةٍ عَظِيمَةٍ فَوَضَعُوا فِيهَا ذَلِكَ الْحَطَبَ وَأَطْلَقُوا فِيهِ النَّارَ فَاضْطَرَمَتْ وتأججت والتهبت وعلالها شَرَرٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ قَطُّ ثُمَّ وَضَعُوا إِبْرَاهِيمَ ﵇ فِي كِفَّةِ مَنْجَنِيقٍ صَنَعَهُ لهم رجل من الأكراد يقال له هزن وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَنَعَ الْمَجَانِيقَ فَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ أَخَذُوا يُقَيِّدُونَهُ وَيُكَتِّفُونَهُ وَهُوَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ لَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الْمُلْكُ لَا شَرِيكَ لَكَ فَلَمَّا وُضِعَ الْخَلِيلُ ﵇ فِي كِفَّةِ الْمَنْجَنِيقِ مُقَيَّدًا مَكْتُوفًا ثُمَّ أَلْقَوْهُ مِنْهُ إِلَى النَّارِ قَالَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ٣: ١٧٣ كَمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ٣: ١٧٣ قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ حِينَ قِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيمانًا. وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ٣: ١٧٣- ١٧٤ الْآيَةَ وَقَالَ أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ ﷺ لَمَّا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي النَّارِ قَالَ اللَّهمّ إِنَّكَ فِي السَّمَاءِ وَاحِدٌ وَأَنَا فِي الْأَرْضِ وَاحِدٌ أَعْبُدُكَ وَذَكَرَ بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّ جِبْرِيلَ عَرَضَ لَهُ فِي الْهَوَاءِ فَقَالَ أَلَكَ حَاجَةٌ فَقَالَ أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ جَعَلَ مَلَكُ الْمَطَرِ يَقُولُ مَتَى أُومَرُ فَأُرْسِلَ الْمَطَرَ فَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ أَسْرَعَ (قُلْنا يَا نارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلى إِبْراهِيمَ) ٢١: ٦٩ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَيْ لَا تَضُرِّيهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ لَوْلَا أن الله قال وسلاما على إبراهيم لَأَذَى إِبْرَاهِيمَ بَرْدُهَا وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ لَمْ يَنْتَفِعْ أَهْلُ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ بِنَارٍ وَلَمْ يُحْرَقْ مِنْهُ سِوَى وَثَاقِهِ وَقَالَ الضَّحَّاكُ يُرْوَى أَنَّ جِبْرِيلَ ﵇ كَانَ مَعَهُ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ وَجْهِهِ لَمْ يُصِبْهُ مِنْهَا شَيْءٌ غَيْرُهُ وَقَالَ السُّدِّيُّ كَانَ مَعَهُ أَيْضًا مَلَكُ الظِّلِّ. وصار إبراهيم ﵇ في ميل الجوبة حَوْلَهُ النَّارُ وَهُوَ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ وَلَا هُوَ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ أَحْسَنُ كَلِمَةٍ قَالَهَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لَمَّا رَأَى وَلَدَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ نِعْمَ الرَّبُّ رَبُّكَ يَا إِبْرَاهِيمُ وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ نَظَرَتْ إِلَى ابْنِهَا ﵇ فَنَادَتْهُ يَا بُنَيَّ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَجِيءَ إِلَيْكَ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَجِّيَنِي مِنْ حَرِّ النَّارِ حَوْلَكَ. فَقَالَ نَعَمْ فَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ لَا يَمَسُّهَا شَيْءٌ مِنْ حَرِّ النَّارِ. فَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَيْهِ اعْتَنَقَتْهُ وَقَبَّلَتْهُ ثُمَّ عَادَتْ وَعَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ أُخْبِرْتُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ مَكَثَ هُنَاكَ إِمَّا أَرْبَعِينَ وَإِمَّا خَمْسِينَ يَوْمًا وَأَنَّهُ قَالَ مَا كُنْتُ أَيَّامًا وَلَيَالِيَ أَطْيَبَ عَيْشًا إِذْ كُنْتُ فِيهَا وَوَدِدْتُ أَنَّ عَيْشِي وَحَيَاتِي كُلَّهَا مِثْلُ إِذْ كُنْتُ فِيهَا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عليه

1 / 146