al-Bidayat wa-al-nihayat
البداية والنهاية
Publisher
مطبعة السعادة
Publisher Location
القاهرة
Genres
History
رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ٢٦: ٦٩- ٨٣. وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. إِذْ قال لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ماذا تَعْبُدُونَ. أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ. فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ. فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ. فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ. فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ. فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ. فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ. قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ. وَالله خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ. قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ. فَأَرادُوا به كَيْدًا فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ ٣٧: ٨٣- ٩٨ يُخْبِرُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ ﵇ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى قَوْمِهِ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ وَحَقَّرَهَا عِنْدَهُمْ وَصَغَّرَهَا وَتَنَقَّصَهَا فَقَالَ (مَا هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ) ٢١: ٥٢ أَيْ مُعْتَكِفُونَ عِنْدَهَا وَخَاضِعُونَ لَهَا قَالُوا (وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ) ٢١: ٥٣ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا صَنِيعُ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَنْدَادِ (قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ. أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ٢١: ٥٤ كَمَا قَالَ تَعَالَى إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ماذا تَعْبُدُونَ. أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ. فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ ٣٧: ٨٥- ٨٧ قَالَ قَتَادَةُ فَمَا ظَنُّكُمْ بِهِ أَنَّهُ فَاعِلٌ بِكُمْ إِذَا لَقِيتُمُوهُ وَقَدْ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ وَقَالَ لَهُمْ (هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ. قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ) ٢٦: ٧٢- ٧٤ سَلَّمُوا لَهُ أَنَّهَا لَا تَسْمَعُ دَاعِيًا وَلَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ شَيْئًا وَإِنَّمَا الْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى عِبَادَتِهَا الِاقْتِدَاءُ بِأَسْلَافِهِمْ وَمَنْ هُوَ مِثْلُهُمْ فِي الضَّلَالِ مِنَ الْآبَاءِ الْجُهَّالِ وَلِهَذَا قَالَ لَهُمْ (أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) ٢٦: ٧٥- ٧٧ وَهَذَا بُرْهَانٌ قَاطِعٌ عَلَى بُطْلَانِ إِلَهِيَّةِ مَا ادَّعَوْهُ مِنَ الْأَصْنَامِ لِأَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهَا وَتَنَقَّصَ بِهَا فَلَوْ كَانَتْ تَضُرُّ لَضَرَّتْهُ أَوْ تُؤَثِّرُ لَأَثَّرَتْ فِيهِ (قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ من اللَّاعِبِينَ) ٢١: ٥٥ يقولون هذا الكلام الّذي تقوله لنا وتتنقص بِهِ آلِهَتَنَا وَتَطْعَنُ بِسَبَبِهِ فِي آبَائِنَا تَقُولُهُ مُحِقًّا جَادًّا فِيهِ أَمْ لَاعِبًا (قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ من الشَّاهِدِينَ) ٢١: ٥٦ يَعْنِي بَلْ أَقُولُ لَكُمْ ذَلِكَ جَادًّا مُحِقًّا وَإِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هو ربكم ورب كل شيء فاطر السموات وَالْأَرْضِ الْخَالِقُ لَهُمَا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ. وَقَوْلُهُ (وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ) ٢١: ٥٧ أَقْسَمَ لَيَكِيدَنَّ هَذِهِ الْأَصْنَامَ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا بَعْدَ أَنْ تَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ إِلَى عِيدِهِمْ. قِيلَ إِنَّهُ قَالَ هَذَا خُفْيَةً فِي نَفْسِهِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ سَمِعَهُ بَعْضُهُمْ وَكَانَ لَهُمْ عِيدٌ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً إِلَى ظَاهِرِ الْبَلَدِ فَدَعَاهُ أَبُوهُ لِيَحْضُرَهُ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ. فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ ٣٧: ٨٨- ٨٩.
عَرَّضَ لَهُمْ فِي الْكَلَامِ حَتَّى تَوَصَّلَ إِلَى مَقْصُودِهِ مِنْ إِهَانَةِ أَصْنَامِهِمْ وَنُصْرَةِ دِينِ اللَّهِ الْحَقِّ فِي بُطْلَانِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ الَّتِي تَسْتَحِقُّ أَنْ تُكَسَّرَ وَأَنْ تُهَانَ غَايَةَ الْإِهَانَةِ فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى عِيدِهِمْ واستقر هو في بلدهم راغ إِلى آلِهَتِهِمْ ٣٧: ٩١ أَيْ ذَهَبَ إِلَيْهَا مُسْرِعًا مُسْتَخْفِيًا فَوَجَدَهَا فِي بَهْوٍ عَظِيمٍ وَقَدْ وَضَعُوا بَيْنَ أَيْدِيَهَا أَنْوَاعًا مِنَ الْأَطْعِمَةِ قُرْبَانًا إِلَيْهَا (فَقَالَ) لَهَا عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ وَالِازْدِرَاءِ (أَلا تَأْكُلُونَ. مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ. فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ) ٣٧: ٩١- ٩٣ لِأَنَّهَا أَقْوَى وَأَبْطَشُ وَأَسْرَعُ وَأَقْهَرُ فَكَسَّرَهَا بِقَدُومٍ فِي يَدِهِ كَمَا قَالَ
1 / 144