al-Bidayat wa-al-nihayat
البداية والنهاية
Publisher
مطبعة السعادة
Publisher Location
القاهرة
Genres
History
بُرْهَانًا وَإِذَا أَبَيْتُمْ قَبُولَ الْحَقِّ وَتَمَادَيْتُمْ فِي الْبَاطِلِ وَسَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَنْهَيْتُكُمْ عَمَّا أَنْتُمْ فِيهِ أَمْ لَا فَانْتَظِرُوا الْآنَ عَذَابَ اللَّهِ الْوَاقِعَ بِكُمْ وَبَأْسَهُ الَّذِي لَا يُرَدُّ وَنَكَالَهُ الَّذِي لَا يُصَدُّ وَقَالَ تَعَالَى قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ٢٣: ٣٩- ٤١ وَقَالَ تَعَالَى قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ. فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ. تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لَا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ٤٦: ٢٢- ٢٥ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى خَبَرَ إِهْلَاكِهِمْ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا كَقَوْلِهِ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ ٧: ٧٢ وَكَقَوْلِهِ وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ. وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْدًا لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ ١١: ٥٨- ٦٠ وَكَقَوْلِهِ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ٢٣: ٤١ وَقَالَ تَعَالَى فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) ٢٦: ١٣٩- ١٤٠ وَأَمَّا تَفْصِيلُ إِهْلَاكِهِمْ فَلَمَّا قَالَ تَعَالَى فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هَذَا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ ٤٦: ٢٤ كَانَ هَذَا أَوَّلَ مَا ابْتَدَأَهُمُ الْعَذَابُ أَنَّهُمْ كانوا ممحلين مسنتين فطلبوا السقيا قرءوا عَارِضًا فِي السَّمَاءِ وَظَنُّوهُ سُقْيَا رَحْمَةٍ فَإِذَا هُوَ سُقْيَا عَذَابٍ. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ به ٤٦: ٢٤ أَيْ مِنْ وُقُوعِ الْعَذَابِ وَهُوَ قَوْلُهُمْ فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ من الصَّادِقِينَ ٧: ٧٠ وَمِثْلُهَا فِي الْأَعْرَافِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ وَغَيْرُهُمْ هَاهُنَا الْخَبَرَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق بن بشار قَالَ فَلَمَّا أَبَوْا إِلَّا الْكُفْرَ باللَّه ﷿ أُمْسِكَ عَنْهُمُ الْمَطَرُ ثَلَاثَ سِنِينَ حَتَّى جَهَدَهُمْ ذَلِكَ قَالَ وَكَانَ النَّاسُ إِذَا جَهَدَهُمْ أَمْرٌ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَطَلَبُوا مِنَ اللَّهِ الْفَرَجَ مِنْهُ إِنَّمَا يَطْلُبُونَهُ بِحَرَمِهِ وَمَكَانِ بَيْتِهِ وَكَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَبِهِ الْعَمَالِيقُ مُقِيمُونَ وَهُمْ مِنْ سُلَالَةِ عِمْلِيقَ بْنِ لَاوَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ وَكَانَ سَيِّدُهُمْ إِذْ ذَاكَ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ بَكْرٍ وَكَانَتْ أُمُّهُ مِنْ قَوْمِ عَادٍ وَاسْمُهَا جَلْهَدَةُ ابْنَةُ الْخَيْبَرِيِّ. قَالَ فَبَعَثَ عَادٌ وَفْدًا قَرِيبًا مِنْ سَبْعِينَ رَجُلًا لِيَسْتَقُوا لَهُمْ عِنْدَ الْحَرَمِ فَمَرُّوا بِمُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ بِظَاهِرِ مَكَّةَ فَنَزَلُوا عَلَيْهِ فَأَقَامُوا عِنْدَهُ شَهْرًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ يغنيهم الجرادتان قَيْنَتَانِ لِمُعَاوِيَةَ وَكَانُوا قَدْ وَصَلُوا إِلَيْهِ فِي شَهْرٍ. فَلَمَّا طَالَ مُقَامُهُمْ عِنْدَهُ وَأَخَذَتْهُ شَفَقَةٌ على قومه واستحيى منهم أن يأمرهم بالانصراف عمل شعرا فيعرض لَهُمْ بِالِانْصِرَافِ وَأَمَرَ الْقَيْنَتَيْنِ أَنْ تُغَنِّيَهُمْ بِهِ فَقَالَ
أَلَّا يَا قَيْلُ وَيْحَكَ قُمْ فَهَيْنِمْ ... لعل الله يمنحنا غَمَامًا فَيَسْقِي أَرْضَ عَادٍ إِنَّ عَادًا
قَدَ أمْسَوْا لَا يُبِينُونَ اَلْكَلَامَا
1 / 126