41

Belief in the Hereafter and Its Impact on Social Reform

عقيدة الإيمان باليوم الآخر وآثرها في إصلاح المجتمع

Genres

صفة نزوله ﵇-: بعد خروج الدجال وإفساده في الأرض، يبعث الله عيسى ﵇ فينزل إلى الأرض، ويكون نزوله عند المنارة البيضاء شرقي دمشق الشام، وعليه مهرودتان (^١)، واضعًا كفية على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، ولا يحل لكافر يجد ريح نَفَسِهِ إلا مات، وَنَفَسُهُ ينتهي حيث ينتهي طرفه. ويكون نزوله على الطائفة المنصورة، التي تقاتل على الحق، وتكون مجتمعة لقتال الدجال، فينزل وقت إقامة الصلاة، يصلي خلف أمير تلك الطائفة. ففي حديث النواس بن سمعان الطويل في ذكر خروج الدجال ثم نزول عيسى ﵇، قال ﷺ: «إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين، واضعًا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفع تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نَفَسِهِ إلا مات، وَنَفَسُهُ ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه -أي: يطلب الدجال- حتى يدركه بباب لد، فيقتله، ثم يأتي عيسى بن مريم قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة» (^٢). بم يحكم عيسى ﵇-: عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وأَمَّكُم منكم؟ !». قال ابن أبي ذئب (^٣): تدري ما أَمَّكُمْ منكم؟ قلت: تخبرني؟ قال: فأمكم بكتاب ربكم ﵎ وسنة نبيكم ﷺ (^٤) -. فليس المراد أنه أمهم في الصلاة، بل المراد أنه حكم فيهم كتاب الله ﵎، أي أمهم بكتاب الله ﷿ (^٥). وزمن عيسى ﵇ زمن أمن وسلام ورخاء يرسل الله فيه المطر الغزير، وتخرج الأرض ثمرتها وبركتها، ويفيض المال وتذهب الشحناء والتباغض والتحاسد، عن أبي هريرة رضي الله أنه قال: قال رسول الله ﷺ: «والله لينزلن عيسى بن مريم حكمًا عادلًا، فليكسرن الصليب، وليقتلن الخنزير، وليضعن الجزية، ولتتركن القلاص (^٦) فلا يسعي عليها، ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد، وليدعون إلى المال، فلا يقبله أحد» (^٧). مدة بقائه بعد نزوله ثم وفاته: وأما مدة بقاء عيسى ﵇ في الأرض بعد نزوله، فقد جاء في بعض الروايات أنه يمكث سبع سنين، وفي بعضها أربعين سنة. عن عبدالله بن عمرو ﵄: «فيبعث الله عيسى بن مريم ... ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله ريحًا باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد وفي قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته» (^٨). وفي أبي داود: «فيمكث في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى، ويصلي عليه المسلمون» (^٩). وكلا هاتين الروايتين صحيحة، وهذا مشكل؛ إلا أن تحمل رواية السبع سنين على مدة إقامته بعد نزوله، ويكون ذلك مضافًا إلى مكثه في الأرض قبل رفعه إلى السماء، وكان عمره إذ ذاك ثلاثًا وثلاثين سنة على المشهور (^١٠) والله أعلم. ٣ - يأجوج ومأجوج: وأصل يأجوج ومأجوج من البشر، من ذرية آدم وحواء ﵉، والذي يدل على أنهم من ذرية آدم ﵇ ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري ﵁ عن رسول الله ﷺ قال: «يقول الله تعالى: يا آدم! فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك، فيقول: أخرج بعث النار، قال وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين فعنده يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد» قالوا: وأينا ذلك الواحد؟ قال: «أبشروا فإن منكم رجلًا ومن يأجوج ومأجوج ألف» (^١١). وقد أخبر الله ﵎ أن السد الذي أقامه ذو القرنين مانعهم من الخروج ﴿اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (٩٧)﴾ [الكهف: ٩٧] وأخبر أن ذلك مستمر إلى آخر الزمان عندما يأتي وعد الله، ويأذن لهم بالخروج، وعند ذلك يُدك السد، ويخرجون على الناس ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (٩٨)﴾ [الكهف: ٩٨]، وعند ذلك يخرجون أفواجًا ﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ﴾ [الكهف: ٩٩] وذلك قرب القيامة والنفخ في الصور ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (٩٩)﴾ [الكهف: ٩٩]. وقد أخبر الرسول ﷺ أنه فتح من ردم يأجوج ومأجوج في عصره، عن زينب بنت جحش ﵁ أن رسول الله ﷺ دخل عليها يوما فزعًا، يقول: «لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب،

(^١) مهرودتان: روي بالدال المهملة والذال المعجمة والمهملة أكثر والمعنى: لابس مهرودتين، أي: ثوبين مصبوغين بورس ثم زعفران. انظر: شرح النووي لصحيح مسلم (١٨/ ٦٧). (^٢) صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال (١٨٦٧ - ٦٨ - مع شرح النووي). (^٣) هو محمد بن عبدالرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب القرشي العامري أبو الحارث المدني، ثقة فقيه فاضل من السابعة، مات سنة ٥٨ وقيل سنة تسع. تقريب التهذيب ص ٤٢٧. (^٤) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب نزول عيسى بن مريم ﵇ (٦/ ٤٩١ - مع الفتح)، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب نزول عيسى بن مريم حاكمًا (٢/ ١٩٣ - مع شرح النووي). (^٥) انظر: اليوم الآخر - القيامة الصغرى، ص ٢٦١. (^٦) القلاص: بكسر القاف جمع قلوص بفتح القاف، وهي الناقة الشابة، انظر: النهاية في غريب الحديث (٤/ ٨٨). (^٧) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب نزول عيسى ﵇ (٢/ ١٩٢ - مع شرح النووي). (^٨) صحيح مسلم كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال (١٨/ ٧٥ - ٧٦ - مع شرح النووي). (^٩) صحيح سنن أبي داود، كتاب الملاحم، باب خروج الدجال (٣/ ٨١٥). (^١٠) انظر: النهاية في الفتن والملاحم، ص ٩٩. (^١١) صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، باب قصة يأجوج ومأجوج (٦/ ٣٨٢ - مع الفتح).

1 / 42