وجاء العشاء مع جديد من الكونياك، فأقبلوا على الطعام والسؤال معلق والاهتمام به يعمق إلى غير نهاية، وقالت مدام ماتياس وقد احمرت أذناها من الشراب: لي معك حكاية. - أنا؟! - كنت تنظر بقوة، كل صباح، قلت لنفسي: حتما سيكلمني يوما ما! - حسبتك لم تلحظي شيئا ألبتة! - هه! قلت ستكلمني، وما أخره إلا أنه مؤدب أكثر من اللازم على خلاف ...
قاطعها علي بركة بضحكة عالية هاتفا: على خلاف الآخر قليل الأدب!
وهي تضحك أيضا: لا .. لا .. معذرة .. (ثم ملتفتة نحو سيد) واعتبرت المسألة مفروغا منها لدرجة أنني فاتحت ماما في الموضوع، ولكنها رفضت بشدة فكرة زواجي من مصري.
صاح سيد عزت الذي أفقدته لذة الحديث لذة الطعام: الزواج؟ - نعم .. وبسببك زعلت من ماما، فأقمت مدة عند خالتي.
ابتسم سيد في ارتباكه حياء وسرورا كما كان ينبغي أن يفعل عام 1930، وإذا بعلي بركة يلكزه في ذراعه قائلا: ضيعت علي فرصة دون أن تنتفع بها، صدق من قال: إن رجال الحسابات معقدون إلى النهاية.
تمتم سيد عزت: لم أكن أعرف، كنت يا مدام جادة جدا بصورة غير مشجعة. - هكذا نصحتني زميلة لي في ذلك الوقت بماي ستار، كانت يهودية مولودة في مصر، قالت لي: إن المصريين يعشقون المرأة اللعوب، ولكنهم لا يتزوجون إلا المتحفظة.
صاح علي بركة بفم مكتظ بالحمام: نعم النصائح اليهودية!
فخاطبت المدام سيد عزت قائلة: لكنك لم تتكلم، حتى لم تحاول الكلام.
قال بارتياب: كنت دائما أخاف من الإفرنج. - تخاف؟ - نعم، شيء قال لي إنك مستحيل لأنك إفرنجية، وكلما فكرت في الكلام عقد الخوف لساني.
علي بركة، وهو يضحك في تهكم: مفهوم .. مفهوم .. اللائحة المالية لا تسمح بحب بين مصري وإفرنجية! - وكان مرتبي محدودا، وكانت فكرتي عن الحب أنه باهظ التكاليف!
Unknown page