وفي الصباح ذهبا معا إلى دكان عبدون الرفاء وهو يتأهب للعمل، وعانقه رمضان معانقة الخلان، ثم جلس ثلاثتهم على أريكة في نهاية الدكان التي كانت أشبه بدهليز ضيق غائص في الجدار.
ومال رمضان على أذن عبدون، رغم أنه لم يكن معهم رابع وهمس: لا أحب أن أشغلك عن عملك في ساعة الصبح، ولكنا جئنا بخصوص الجاكتة التي سلمها لك عطية الحلواني.
فسأله عبدون بدهشة: ما لها؟ - هل قمت بالمطلوب لها؟ - لم أمسها بعد.
تنهد رمضان وحسونة بارتياح، وقال رمضان: تلزمنا بعض الوقت، دقائق لا أكثر.
فقال الرجل بقلق: حد الله! .. إنها أمانة. - عيب يا عبدون، ستكون عندك بعد دقائق.
نظر إليه بارتياب، وردد عينيه بين الرجلين، وابتسم ابتسامة خبير، ثم نهض إلى كومة من الملابس المعلقة في الجدار، ففرها بسرعة حتى استقرت يده على الجاكتة الرمادية فنزعها، وراح يتحسسها باهتمام حتى استكنت يده فوق أسفل البطانة. وحدج رمضان بنظرة ساخرة، فقال الرجل: أحببت أن نقوم بشغلنا بعيدا عنك.
هز عبدون منكبيه استهانة، ورمى الطريق بنظرة حذرة، ثم رجع إلى الأريكة ويده تفك البطانة بخفة، ثم استخرج رزمة من الأوراق المالية. ند عن حسونة صوت كالشهقة، وقلق رمضان في مجلسه، أما عبدون فبدا نهما مصمما، وقال رمضان بلهفة: فلنقتسمها بسرعة قبل أن يجيء أحد.
عند ذاك اختفى النور الهادئ الوارد من الطريق، ولكنهم لم ينتبهوا لذلك. وارتفع صوت كالخوار يقول بقسوة: عفارم عليكم.
تحولت الرءوس في فزع نحو الباب. وجدوا أمامهم شنكل. شنكل بكل ما أوتي من طول وعرض وكريه منظر يسد الباب سدا. صاح عبدون: أنا عبد المأمور، ولا دخل لي في شيء!
وصاح رمضان: علي الطلاق ما أعرف صاحبها!
Unknown page