مستحيل، بإرادتي أنا لا بد أن أنجو.
غصت.
حين حاولت أن أطفو وجدت الغابة، غابة امتلأت بوحوش مائية مصنوعة من ماء، الرعب منها يجمد القلب، وحوش تزأر، وحوش تنهش، وحوش خرافية هائلة الضخامة بأقدامها الأسطورية تطأ وتضغط، ضاق الخناق، جذبت نفسا عميقا لأتنفس، حتى وأنا أعلم أنه ماء جذبت نفسا لأتنفس، امتلأ رأسي بالهدير، اختفت الألوان والكتل والأحجام، صار كل شيء هلاما ضبابيا رماديا متغامقا مؤدي حتما إلى السواد الكامل، أنا مرعوب رعبا يحدث لي لأول مرة. رعب من نوع آخر، رعب لا يحدث في العمر إلا مرة، ولا يحدث إلا وفي أعقابه موت، عزرائيل هو ذلك الرعب.
طفوت.
من فرحتي لم أتنفس.
غصت.
من رعبي تنفست ماء، ماء أكثر، الوحش البحري يريد أن يحولني ماء، يهضمني، يتمثلني، يقتلني حيا، ويحييني ماء، بلورة ذاتي المركزة تتخفف، أنا أذوب في الماء، والماء يخترق مسامي ويذوب جسدي، بإجرام وإصرار سادر في تذويبي، إرادتي تتميع، تتراخى، طعم الحياة يتغير، يمسخ، حماسي لها يفتر ويصبح ما له طعم ماء البحر المالح. •••
تخدر الزمن وتوقف، سألت نفسي: لماذا التحدي؟ لماذا لا أستسلم وأموت؟
أليس الموت هو التجربة التي ندخرها لتكون آخر تجاربنا؟ لماذا لا تكون الآن؟
لقد عشت كثيرا ودهشت كثيرا، وأحببت كثيرا وضحكت قليلا وبكيت كثيرا وكثيرا، وما تبقى من حياتي لن يكون سوى تكرار ممل، وما لم أفعله قط أني لم أمت، فلماذا لا أموت؟
Unknown page