وقال أصحاب الرأي في الخوارج: إذا ظهروا على قوم وأخوا زكاة أموالهم ثم ظهر الإمام عليهم احتسبوا لهم به من الصدقة، وإذا مر الإنسان على عسكر الخوارج فعشروه فلا يجزيه من زكاته.
وقال أبو عبيد في الخوارج: يأخذون الزكاة فقال من قال: على من أخذوا منه الإعادة.
قال أبو سعيد: معي أنه قد مضى القول على ما يخرج عندي من معاني قول أصحابنا في السلطان، إذا كان عادلا أو جائرا، والخوارج عندنا في مذاهب قول أصحابنا إنهم سلطان جائر ممن يدين بالضلال، فإذا كان أحد منهم قد استولى على أحد من المسلمين وكان غير مأمون في قسم الصدقة على أهلها ووضعها في مواضعها لم يجز تسليم الصدقة إليهم على معنى الاختيار ولا على الجبر، في أكثر ما يخرج من معاني قول أصحابنا: فعلى من أخوا صدقته وهم سلطان جائز لا يؤمنون عليها ضمان صدقته وبذله، ولا يبين لي في قول أصحابنا إنه إذا ظهر إمام العدل أن يكون له سلطان على الرعية فيما مضى من الصدقة قبل وقته وظهوره، فيرافعهم بالزكاة أو لا يرافعهم وذلك إليهم، وليس له أن يحط عنهم ما لم يحط الله عنهم مما هو مضمون عليهم. /269/وأما جبر السلطان الرعية على أخذ الصدقة ولم يكن منهم تسليم إليه إلا أخذها من غير أن تقدر الرعية على إنفذها، فمعي أنه لا ضمان على الرعية في الزكاة في هذا الفصل، وإن أمكنهم إنفاذها فلم ينفذوها حتى غصبها السلطان وأخذها، فمعي أنه يختلف في ذلك من قول المسلمين.
ففي بعض القول: إنه لا ضمان عليهم إذا لم يكونوا أدخلوا أيديهم في المال بعد وجوب الزكاة فيه بما لا يجوز للأمين أن يدخل يده في أمانة شريكه، ولك على قول من يرى الزكاة شريكا وأمينا ثابتا. وعلى قول من يقول: إنها مضمونة فقدر على إخراجها فلم تخرجها فمعي أنه يلزمه الضمان.
Page 72