قال أبو سعيد: معي أنه يشبه في قول أصحابنا معاني ما قال: وقد مضى القول فيه قبل هذا الفصل بما أرجو أن يستدل به عليه، وإذا كان المال زكاته مدفوعة إلى الفقراء من رب المال، وقدر على أداء الزكاة بحضور أهلها والقدرة على أدائها، ثبت معنى الاختلاف في ذلك عندي، ولم يختلف معنى شيء من الزكاة من ماشية، ولا ورق ولا ذهب ولا حبوب، إلا معنى ما يكون صنفا من غير جنس الماشية، فقد يتعلق معنى ضمان ذلك على حال إذا كان من العين، وقد يشبه /202/معنا اشتباهه لسائر المال إذ هو غير مجبور عندي أن يؤدي من غيرها، وأما إذا كانت الزكاة لا تجوز إلا إلى السلطان كان منتظرا لصاحبهم، إذ لا يجوز الدفع إلا إليه، فلا يبين لي في ذلك ضمان، لأنه ممنوع في الأصل دفع ذلك إلى غيره. [بيان، 18/202]
في ذكر الزكاة يخرجها المرء فتضيع منه
من كتاب الأشراف قال أبو بكر: قال الحسن البصري وقتادة: إذا أخرجها فضاعت تجزي عنه، وقال الزهري والحكم وحماد وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وأبو عبيد: هو ضامن لها حتى يضعها مواضعها، وقال مالك: إن أخرجها عند محلها فسرقت منه، أو سقطت أراها مجزية عنه، وإن أخرجها بعد ذلك بأيام ثم سقطت أو سرقت ضمنها، وقال الشافعي : إذا أخرج زكاة ماله بعد ما خلت، فإن كان فرط فيها كان لها ضامنا، وإن لم يفرط رجع إلى ما بقي من ماله، فإن كان فيما بقي زكاة، وإن لم يكن فيما بقي زكاة لم يزكه، وقال أبو ثور: عن كان فرط في أداء الزكاة كان عليه زكاة الجميع، وإن كان لم يفرط كان عليه زكاة ما بقي عليه من المال. وقال أصحاب الرأي: إذا حال الحول فهلك بعضه فليس عليه أن يزكي ما هلك، ولكن يزكي مائتا درهم، بعض أهل العلم في المال يهلك بعد حول الحول، ومذ يبقى مائتي درهم فيها خمسة دراهم، وإن هلك ولم يبق إلا عشرة دراهم أدى زكاتها، مثل الشريكين يتلف بعض المال يكونان شريكين فما بقي. قال أبو بكر: هذا صحيح.
Page 44