Bayān al-mukhtaṣar sharḥ Mukhtaṣar Ibn al-Ḥājib
بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب
Editor
محمد مظهر بقا
Publisher
دار المدني
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Publisher Location
السعودية
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - أَيْ قَالَ الْقَاضِي: إِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَا تَكُونُ حَقَائِقَ شَرْعِيَّةً ; لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ، أَيْ حَقَائِقَ شَرْعِيَّةً، لَزِمَ أَنْ يُفْهِمَهَا الشَّارِعُ الْمُكَلَّفِينَ أَوَّلًا، وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْلِيفُ بِمَا لَا يُطَاقُ ; لِأَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِفَهْمِ مُرَادِهِ مِنْهَا، وَالْفَهْمُ لَا يَكُونُ بِدُونِ تَفْهِيمِ الشَّارِعِ إِيَّاهُمْ. وَلَوْ فَهِمَهَا الشَّارِعُ الْمُكَلِّفِينَ، لِنُقِلَ ذَلِكَ التَّفْهِيمُ إِلَيْنَا نَقْلًا يُفْهَمُ مُرَادُ الشَّارِعِ مِنْهُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ; لِأَنَّا مُكَلَّفُونَ مِثْلَهُمْ، وَالتَّكْلِيفُ هُوَ الْمُوجِبُ لِلتَّفْهِيمِ.
وَنَقْلُ التَّفْهِيمِ إِلَيْنَا، إِمَّا بِالْآحَادِ، وَلَا سَنَدَ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحُجَّةِ قَطْعِيَّةٍ. وَإِمَّا بِالتَّوَاتُرِ، وَلَا يَكُونُ حَاصِلًا، وَإِلَّا لَمْ يَقَعِ النِّزَاعُ.
ش - أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذِهِ الْمُنَاقَضَةِ بِأَنْ قَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَوْ فَهَّمَهَا الشَّارِعُ الْمُكَلَّفِينَ لَنُقِلَ إِلَيْنَا. وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ أَنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ تَفْهِيمُ الشَّارِعِ إِيَّاهُمْ بِالْقَرَائِنِ، كَالْوَالِدَيْنِ مَعَ الْأَطْفَالِ. أَمَّا إِذَا كَانَ بِالْقَرَائِنِ فَلَا يَلْزَمُ النَّقْلُ إِلَيْنَا ; إِذْ يَجُوزُ حِينَئِذٍ أَنْ يُفْهَمَ أَيْضًا بِالْقَرَائِنِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ.
ش - هَذَا دَلِيلٌ آخَرُ لِلْمَانِعِينَ مِنْ وُقُوعِ الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ. بَيَانُهُ: لَوْ كَانَتِ الْأَسْمَاءُ الْمَذْكُورَةُ حَقَائِقَ شَرْعِيَّةً، لَكَانَتْ غَيْرَ عَرَبِيَّةٍ. وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ ; فَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا حَقَائِقَ شَرْعِيَّةً، لَمْ تَكُنْ مَوْضُوعَاتُ الْعَرَبِ ; لِأَنَّهُمْ لَمْ يَضَعُوهَا لِهَذِهِ الْمَعَانِي، عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ. وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَوْضُوعَاتُ الْعَرَبِ، لَمْ تَكُنْ عَرَبِيَّةً ; إِذْ مَعْنَى كَوْنِ اللَّفْظِ عَرَبِيًّا إِفَادَتُهُ لِمَا وَضَعَ وَاضِعُ لُغَةِ الْعَرَبِ ذَلِكَ اللَّفْظَ بِإِزَائِهِ.
وَأَمَّا بَيَانُ بُطْلَانِ اللَّازِمِ - وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " وَأَمَّا الثَّانِيَةُ ". وَكَذَا فِي جَمِيعِ مَوَاضِعِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ، يُشِيرُ بِهِ إِلَى الْمُقَدِّمَةِ الِاسْتِثْنَائِيَّةِ - فَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ عَرَبِيَّةً، لَمَا كَانَ الْقُرْآنُ عَرَبِيًّا. وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مَوْجُودَةٌ فِي الْقُرْآنِ، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهَا غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ، فَلَا يَكُونُ الْقُرْآنُ عَرَبِيًّا ; ضَرُورَةَ اشْتِمَالِهِ عَلَى مَا هُوَ غَيْرُ عَرَبِيٍّ.
1 / 221