211

Bayān al-mukhtaṣar sharḥ Mukhtaṣar Ibn al-Ḥājib

بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب

Editor

محمد مظهر بقا

Publisher

دار المدني

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Publisher Location

السعودية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
اللُّغَوِيَّةِ، لَا بِاعْتِبَارِ أَنْ يَكُونَ الْأَلْفَاظُ مَوْضُوعَةً لَهَا، دَالَّةً عَلَيْهَا، بَلْ لِأَنَّ وُقُوعَ الْمَفْهُومَاتِ اللُّغَوِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا، لَا يَحْصُلُ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَاتِ. فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَثَلًا وُضِعَتْ فِي اللُّغَةِ لِلدُّعَاءِ، وَاسْتُعْمِلَتْ فِي الشَّرْعِ لِلدُّعَاءِ أَيْضًا.
إِلَّا أَنَّ وُقُوعَ الدُّعَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا إِنَّمَا يَحْصُلُ إِذَا زِيدَ عَلَيْهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ، فَلَا يَكُونُ حَقَائِقَ شَرْعِيَّةً.
وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ فِي الشَّرْعِ مُسْتَعْمَلَةً فِي مَفْهُومَاتِهَا اللُّغَوِيَّةِ، لَمَا اسْتُعْمِلَتْ فِي صُورَةٍ لَمْ تَتَحَقَّقِ الْمَفْهُومَاتُ اللُّغَوِيَّةُ فِيهَا. وَالتَّالِي بَاطِلٌ. فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَظَاهِرَةٌ. وَأَمَّا انْتِفَاءُ التَّالِي، فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي اللُّغَةِ، إِمَّا الدُّعَاءُ أَوِ الِاتِّبَاعُ وَقَدِ اسْتُعْمِلَ فِي الشَّرْعِ فِيمَا لَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُمَا. وَذَلِكَ لِأَنَّهَا اسْتُعْمِلَتْ فِي صَلَاةِ الْأَخْرَسِ الْمُنْفَرِدِ، وَهُوَ غَيْرُ دَاعٍ وَلَا مُتَّبِعٍ.
ش - هَذِهِ مُنَاقَضَةٌ أُخْرَى لِلدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ مَعَ جَوَابِهَا. وَتَقْرِيرُ الْمُنَاقَضَةِ أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ اسْتِعْمَالَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي مَعَانِيهَا شَرْعًا بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ، بَلِ اسْتِعْمَالُهَا فِيهَا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ، لِتَحَقُّقِ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْمَفْهُومَاتِ اللُّغَوِيَّةِ وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَعَانِي. فَإِنَّ الصَّلَاةَ لِلدُّعَاءِ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ، وَهُوَ جُزْءُ هَذِهِ الرَّكَعَاتِ. وَالزَّكَاةَ فِي اللُّغَةِ لِلنَّمَاءِ، وَهُوَ سَبَبٌ [لِلْمَعْنَى] الشَّرْعِيِّ، وَتَسْمِيَةُ الْكُلِّ بِاسْمِ الْجُزْءِ، وَالْمُسَبِّبِ بِاسْمِ السَّبَبِ، مَجَازٌ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْمُنَاقَضَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِكَوْنِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَجَازَاتٍ، أَنَّ الشَّارِعَ اسْتَعْمَلَهَا فِي هَذِهِ الْمَعَانِي بِطَرِيقِ الْمَجَازِ، فَهُوَ الْمُدَّعِي ; لِأَنَّنَا لَا نَعْنِي بِكَوْنِهَا حَقَائِقَ شَرْعِيَّةً إِلَّا أَنَّ الشَّارِعَ اسْتَعْمَلَهَا فِي غَيْرِ مَوْضُوعَاتِهَا اللُّغَوِيَّةِ، وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُهَا فِيهَا.
وَإِنْ أُرِيدَ بِكَوْنِهَا مَجَازَاتٍ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَدِ اسْتَعْمَلُوهَا لِهَذِهِ الْمَعَانِي فَهُوَ مَمْنُوعٌ ; لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ ; لِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَمْ يَعْرِفُوا هَذِهِ الْمَعَانِيَ قَبْلَ الشَّرْعِ فَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُونَ لَهَا هَذِهِ الْأَلْفَاظَ ; لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ مَسْبُوقٌ بِفَهْمِ الْمَعْنَى.
الثَّانِي: أَنَّ اسْتِعْمَالَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِهَذِهِ الْمَعَانِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ ; لِأَنَّهُ يُفْهَمُ هَذِهِ الْمَعَانِي عِنْدَ إِطْلَاقِ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ عَلَيْهَا، بِدُونِ قَرِينَةٍ. فَلَوْ كَانَتْ مَجَازَاتٍ، لَمْ يُفْهَمِ الْمَعْنَى بِدُونِ قَرِينَةٍ.

1 / 219