Bayan Mukhtasar
بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب
Investigator
محمد مظهر بقا
Publisher
دار المدني
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Publisher Location
السعودية
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
إِذَا الْتُزِمَ تَقْيِيدُهُ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ عَلَى مَدْلُولِهِ، كَانَ مَجَازًا، مِثْلَ: " جَنَاحُ الذُّلِّ " وَ" نَارُ الْحَرْبِ ".
وَإِنَّمَا كَانَ الْتِزَامُ التَّقْيِيدِ دَالًّا عَلَى الْمَجَازِ ; إِذْ عُلِمَ بِالِاسْتِقْرَاءِ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَدِ اسْتَعْمَلُوا اللَّفْظَ فِي مُسَمَّاهُ مُطْلَقًا، غَيْرَ مُقَيَّدٍ، وَفِي غَيْرِ مُسَمَّاهُ، بِخِلَافِهِ، يَعْنِي مُقَيَّدًا، غَيْرَ مُطْلَقٍ.
وَإِنَّمَا قَالَ: " بِالْتِزَامِ تَقْيِيدِهِ " وَلَمْ يَقُلْ: " بِتَقْيِيدِهِ " ; لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ قَدْ يُقَيَّدُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمِ التَّقْيِيدَ فِيهِ.
ش - الْوَجْهُ السَّادِسُ: يُعْرَفُ الْمَجَازُ بِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْمُسَمَّى الْآخَرِ، يَعْنِي أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا كَانَ إِطْلَاقُهُ عَلَى أَحَدِ مَدْلُولَيْهِ مُتَوَقِّفًا عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَدْلُولِ الْآخَرِ، كَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَدْلُولِهِ الَّذِي [تَوَقَّفَ] إِطْلَاقُهُ عَلَى الْمَدْلُولِ الْآخَرِ [مَجَازًا] مِثْلَ: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٥٤] ; فَإِنَّ إِطْلَاقَ لِفْظِ " الْمَكْرِ " عَلَى الْمَعْنَى الْمُتَصَوَّرِ مِنَ الْحَقِّ، مُتَوَقِّفٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَعْنَى الْمُتَصَوَّرِ مِنَ الْخَلْقِ، فَيَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَقِّ مَجَازًا، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخَلْقِ حَقِيقَةً.
[كون اللفظ قبل الاستعمال حقيقة أو مجازا]
ش - اعْلَمْ أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا وُضِعَ لِمَعْنًى وَلَمْ يَتَّفِقِ اسْتِعْمَالُهُ، لَا فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا، وَلَا فِي غَيْرِهِ، لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا ; لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَانْتِفَاءُ الْجُزْءِ يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْكُلِّ.
ش - اخْتُلِفَ فِي أَنَّ الْمَجَازَ هَلْ يَكُونُ مُسْتَلْزِمًا لِلْحَقِيقَةِ أَمْ لَا، عَلَى مَعْنَى أَنَّ اللَّفْظَ إِذَا اسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا، هَلْ يَكُونُ مَشْرُوطًا بِاسْتِعْمَالِهِ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا أَمْ لَا؟
" بِخِلَافِ الْعَكْسِ " أَيْ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّ الْحَقِيقَةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْمَجَازِ بَلِ اتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ غَيْرُ مُسْتَلْزِمَةٍ لَهُ.
ش - أَيْ قَالَ الْمُلْزِمُ - وَهُوَ الَّذِي يَدَّعِي لُزُومَ الْحَقِيقَةِ لِلْمَجَازِ -: لَوْ لَمْ يَكُنِ الْمَجَازُ مُسْتَلْزِمًا لِلْحَقِيقَةِ، لَعَرِيَ وَضْعُ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى عَنِ الْفَائِدَةِ. وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ، فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ فَائِدَةَ وَضْعِ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى: اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْمَجَازُ مُسْتَلْزِمًا لِلْحَقِيقَةِ، لِجَازَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَا وَضَعَ لَهُ أَوَّلًا، مَعَ عَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا. فَيَكُونُ الْوَضْعُ الْأَوَّلُ مُجَرَّدًا عَنِ الْفَائِدَةِ.
1 / 200