مصروفة على معنيين، إما لعسر المراد في هذا المقصود، وإما لضيق الإعراب عن عين الحقيقة، وإما للأصطلاح الذي يجهل سببه؛ فإن تباعد عن منال فهمك، وغمر عقلك، فأرجع إلى نقصك في تعرف رسم الحق، تجد منه نفس الحق، وليكن ذلك الرسم خط كاتب وخط كاتب: أما ترى أيها المعتبر القياس أن خط هذا الكاتب يماثل خط هذا الكاتب من جهة الأختيار، حين أدى هذا أعيان حروف ذاك، وقوم صور تلك الكلم؟ ثم أعطف عليه ثانيًا بإعتبار جديد وأنظر: هل يباين خط هذا الكاتب من جهة حقائق أشكال خط هذا الكاتب، وحقائق خواص هذا الكاتب؟ فإنك تجد المباينة عيانًا لا تحتاج إلى ترجمان، كما وجدت المشابهة حسًا لم تحتج إلى بيان. أفليس المعنى الذي وقعت الشركة به بينهما إنما هو الأختيار الذي أدى هذا الكاتب به كلام هذا الكاتب في رسم ألف وميم، ولام وجيم، وحاء وكاف، وفاء وقاف، والمعنى الذي وقعت به المباينة بينهما إنما هو الأضطرار، حتى صار هذا الخط منسوبًا إلى هذا، وهذا الخط مقصورًا على هذا، يقومان لهما مقام الحلية المميزة، والصورة المقررة؟ فقد برزت لك اللطيفة التي بها يكون الأضطرار موشحًا بالأختيار، ولاح لك السر الذي به يكون الأختيار مبطنًا بالأضطرار، في هذا الرسم الحاوي متني الخط في حال وأصل الفعل بحركة واحدة وزمان واحد.
وإن قاصر الأختيار على الإنسان ذاهل عما نطق به الأختيار من الأضطرار،