Bariqat Maḥmūdiyya fī sharḥ Ṭarīqat Muḥammadiyya wa-sharīʿat nabawiyya fī sīrat Aḥmadiyya
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية
Publisher
مطبعة الحلبي
Edition
بدون طبعة
Publication Year
١٣٤٨هـ
Regions
•Turkey
مِنْ ذِكْرِهِ نَقْدَ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ الْفَوَائِدِ، وَقَدْ يُتَوَهَّمُ رُجُوعُ ضَمِيرِ قَوْلِهِ إلَى الْبَعْضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَمَقُولُ الْقَوْلِ قَوْلُهُ (وَإِذَا أَخَذَ الْإِنْسَانُ حَظًّا) نَصِيبًا (وَافِرًا) وَقِيلَ الْمَقُولُ قَوْلُهُ هُنَا فَإِنَّهُ يُرْجَى أَنْ يُصَحِّحَ الْعِلْمَ.
وَقَوْلُهُ وَإِذَا أَخَذَ لَيْسَ مِنْ الْبُسْتَانِ بَلْ مِنْ الْمُصَنِّفِ (مِنْ الْفِقْهِ) وَرَاءَ الْحَاجَةِ (يَنْبَغِي) قِيلَ يَجِبُ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ لَعَلَّ الثَّانِيَ هُوَ الْحَقُّ إذْ عِلْمُ نَحْوَ عِلْمِ الزُّهْدِ بَعْدَ الْفِقْهِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ (أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى الْفِقْهِ) فَقَطْ إذْ رُبَّمَا يُوقِعُهُ فِي الْغَفْلَةِ (وَلَكِنْ يَنْظُرُ) بِتَأَمُّلٍ (فِي عِلْمِ الزُّهْدِ) أَيْ التَّصَوُّفِ الَّذِي هُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ أَحْوَالُ الْقُلُوبِ مِنْ الذَّمِيمَةِ أَوْ الْحَمِيدَةِ فَيَزْهَدُ عَنْ الدُّنْيَا، وَيَرْغَبُ فِي الْأُخْرَى.
(وَفِي كَلَامِ الْحُكَمَاءِ) الْمُشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩] وَبِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ خَلَصَ بِاَللَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ظَهَرَتْ يَنَابِيعُ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ» وَهِيَ عُلُومُ الْحَقَائِقِ الْإِلَهِيَّة، وَالْإِلْهَامِ لَا عُلُومُ الَّذِينَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيُسَمُّونَ أَنْفُسَهُمْ حُكَمَاءَ. وَقَدْ عَرَفْت سَابِقًا أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ بَلْ هُوَ شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ.
عَنْ الشَّيْخِ الشَّاذِلِيِّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَتَوَغَّلْ فِي عِلْمِنَا هَذَا مَاتَ مُصِرًّا عَلَى الْكَبَائِرِ (وَشَمَائِلِ الصَّالِحِينَ) أَخْلَاقِهِمْ مِنْ نَحْوِ الْوَرَعِ، وَالزُّهْدِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنْ الدُّنْيَا، وَالْإِقْبَالِ عَلَى الْآخِرَةِ وَتَطْهِيرِ الْقَلْبِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ (فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إذَا تَعَلَّمَ الْفِقْهَ) وَحْدَهُ (وَلَمْ يَنْظُرْ فِي عِلْمِ الزُّهْدِ، وَالْحِكْمَةِ قَسَا) مِنْ الْقَسْوَةِ (قَلْبُهُ) لِاشْتِغَالِهِ بِعُلُومٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِأَحْوَالِ الْخَلْقِ (وَالْقَلْبُ الْقَاسِي بَعِيدٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ مِنْ رَحْمَتِهِ الْكَامِلَةِ فَالْفِقْهُ الْمُجَرَّدُ بِلَا زُهْدٍ وَحِكْمَةٍ لَيْسَ بِمَمْدُوحٍ بَلْ مَذْمُومٌ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِغَفْلَةِ الْقَلْبِ وَلَعَلَّ هَذَا مَا قَالُوا مَنْ تَفَقَّهَ تَفَسَّقَ وَإِنْ أَمْكَنَ لَهُ وَجْهٌ آخَرُ (انْتَهَى) كَلَامُ الْبُسْتَانِ.
وَعَنْ التِّرْمِذِيِّ «لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ وَإِنَّ أَبْعَدَ الْقُلُوبِ مِنْ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي» .
وَعَنْ الشِّرْعَةِ مَعَ شَرْحِهِ وَيَقْتَبِسُ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ كُلِّ فَنٍّ حَظًّا كَافِيًا لِحَاجَتِهِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْبَعْضِ فَقَدْ قِيلَ مَنْ طَلَبَ اللَّهَ بِعِلْمِ الْكَلَامِ وَحْدَهُ تَزَنْدَقَ، وَبِالزُّهْدِ وَحْدَهُ ابْتَدَعَ، وَبِالْفِقْهِ وَحْدَهُ تَفَسَّقَ ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ (فَإِذَا كَانَ الْحَالُ هَذَا) أَيْ قَسْوَةَ الْقَلْبِ (فِي الْفِقْهِ) الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْعُلُومِ عَلَى الِاتِّفَاقِ
1 / 295