Bariqat Maḥmūdiyya fī sharḥ Ṭarīqat Muḥammadiyya wa-sharīʿat nabawiyya fī sīrat Aḥmadiyya
بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية
Publisher
مطبعة الحلبي
Edition
بدون طبعة
Publication Year
١٣٤٨هـ
Regions
•Turkey
مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ صَحِيحٍ وَلَا مُعَارَضَةِ بَيِّنَةٍ مَعَ عِلْمِ تَارِيخٍ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا يُجْتَرَأُ عَلَيْهِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَلَا حُجَّةٍ.
(وَقَدْ جَاءَتْ الْآثَارُ فِي الْإِبَاحَةِ) أَيْ إبَاحَةِ مُطْلَقِ الدَّوَاءِ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِلَفْظِ الْإِبَاحَةِ فِي الْآثَارِ، وَالظَّاهِرُ فِي مَوَاضِعَ وُقُوعُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَلَى الْأَمْرِ أَوْ الْفِعْلِ كَمَا يَشْهَدُ بِهِ التَّتَبُّعُ وَيَدُلُّ قَوْلُهُ (أَلَا يَرَى) إلَى آخِرِهِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى النَّدْبِ أَوْ السُّنَّةِ فَتَأَمَّلْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جُرِحَ يَوْمَ أُحُدٍ» غَزْوَةٍ مِنْ غَزَوَاتِهِ ﵊ اُسْتُشْهِدَ فِيهَا كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ عَمُّ النَّبِيِّ ﵊ وَرَضِي اللَّه تَعَالَى عَنْهُمْ «دَاوَى» مِنْ الدَّوَاءِ «جُرْحَهُ بِعَظْمٍ قَدْ بَلِيَ» لِيَقْطَعَ دَمَهُ قِيلَ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ دَاوَاهُ بِحَصِيرٍ أَحْرَقَهُ وَكَبَسَ بِهِ مَحَلَّ الْجُرْحِ فَأَمْسَكَ الدَّمُ وَفِعْلُهُ سُنَّةٌ يُقْتَدَى بِهِ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي فِعْلِهِ.
وَاحْتِمَالُ الزَّلَّةِ بَعِيدٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَنُبِّهَ وَمَنَعَ عَنْ الرِّوَايَةِ بِلَا نَكِيرٍ وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ مِنْ الْخَوَاصِّ خِلَافُ الْأَصْلِ لَا يُرْجَعُ إلَيْهِ.
(وَرُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ» الَّذِينَ نَصَرُوا لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْمُهَاجِرِينَ بِالدِّيَارِ، وَالْأَمْوَالِ، وَالْمُحَارَبَةِ مَعَ أَعْدَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ «رُمِيَ» عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ («فِي أَكْحَلِهِ» قِيلَ عَنْ الْقَامُوسِ وَهُوَ عِرْقٌ فِي الْيَدِ أَوْ هُوَ عِرْقُ الْحَيَاةِ وَلَا تَقُلْ عِرْقُ الْأَكْحَلِ «بِمِشْقَصٍ» كَمِنْبَرٍ نَصْلٍ عَرِيضٍ «فَأَمَرَ بِهِ» أَيْ الرَّجُلِ «النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُوِيَ» بِالنَّارِ فَثَبَتَ أَنَّ الْكَيَّ مَأْمُورٌ بِهِ.
قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: «نَهَى النَّبِيُّ ﵊ عَنْ الْكَيِّ» وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ نَهْيَ تَنْزِيهٍ إنْ اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ بِغَيْرِهِ وَأَمَّا عِنْدَ تَعَيُّنِهِ فَلَا يُكْرَهُ فَقَدْ «كَوَى النَّبِيُّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ الَّذِي اهْتَزَّ بِمَوْتِهِ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَأُبَيُّ بْنَ كَعْبٍ الْمَخْصُوصَ بِأَنَّهُ أَقْرَأُ الْأُمَّةِ» وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ مِثْلَ سَعْدٍ وَأُبَيُّ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ وَصَفَهُمْ النَّبِيُّ فَقَدْ أَخْطَأَ كَمَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ انْتَهَى.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَ مُسْلِمُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تُسَلِّمُ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَلَمَّا اكْتَوَى انْقَطَعَ التَّسْلِيمُ فَلَمَّا تَرَكَهُ عَادَ إلَيْهِ فَلَعَلَّهُ لِإِمْكَانِ الْغَيْرِ.
(وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْقِي» نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ «بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ» .
قَالَ الْمُحَشِّي أَيْ قَرَأَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «ثُمَّ مَسَحَ عَلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ، فَقَالَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بَرِئَ مِنْ الْآفَاتِ» (وَالْآثَارُ فِيهِ) أَيْ تَدَاوِي النَّبِيِّ وَرُقْيَتِهِ (أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى) كَمَا ذُكِرَ فِي كُتُبِ الْأَحَادِيثِ كَالْحِصْنِ الْحَصِينِ، وَالطِّبِّ النَّبَوِيِّ الَّذِي أُحِيلَ إلَيْهِ فِي تَعْلِيمِ الْمُتَعَلِّمِ، وَذُكِرَ هُنَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ رِيقِ نَفْسِهِ عَلَى أُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَى التُّرَابِ يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْهُ شَيْءٌ فَيَمْسَحُ بِهِ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمَجْرُوحِ أَوْ الْعَلِيلِ وَيَقُولُ حَالَ الْمَسْحِ: بِاسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا» .
قَالَ الْجُمْهُورُ جُمْلَةُ الْأَرْضِ وَقِيلَ أَرْضُ الْمَدِينَةِ خَاصَّةً لِرِقَّتِهَا، وَالرِّيقَةُ أَقَلُّ مِنْ الرِّيقِ (انْتَهَى) كَلَامُ الْبُسْتَانِ
1 / 273