268

Bariqat Maḥmūdiyya fī sharḥ Ṭarīqat Muḥammadiyya wa-sharīʿat nabawiyya fī sīrat Aḥmadiyya

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

Publisher

مطبعة الحلبي

Edition

بدون طبعة

Publication Year

١٣٤٨هـ

(كَالْفَصْدِ، وَالْحِجَامَةِ وَشُرْبِ الْمُسْهِلِ وَسَائِرِ أَسْبَابِ الطِّبِّ أَعْنِي مُعَالَجَةَ الْبُرُودَةِ بِالْحَرَارَةِ، وَالْحَرَارَةِ بِالْبُرُودَةِ وَهِيَ الْأَسْبَابُ الظَّاهِرَةُ فِي الطِّبِّ) إذْ جِنْسُ مَا ذُكِرَ مُجَرَّدُ سَبَبٍ ظَاهِرِيٍّ لَا حَقِيقِيٍّ إذْ ذَلِكَ تَأْثِيرُ قُدْرَتِهِ تَعَالَى لَا طَبْعُ مَا ذُكِرَ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ (وَإِلَى مَوْهُومٍ) أَيْ جَانِبُ التَّخَلُّفِ رَاجِحٌ، وَجَانِبُ النَّفْعِ مَرْجُوحٌ قَلِيلٌ (كَالْكَيِّ) بِالنَّارِ كَمَا قِيلَ: آخَرُ الطِّبِّ أَوْ الدَّوَاءِ الْكَيُّ أَيْ أَضْعَفُهُ فَغَيْرُهُ مِنْ الْمُعَالَجَاتِ أَشَدُّ تَأْثِيرًا مِنْهُ.
(وَالرُّقْيَةُ) بِالضَّمِّ الْعُوذَةُ، وَالتَّعْوِيذَاتُ، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونَانِ مِنْ الْمَوْهُومَةِ وَقَدْ صَحَّا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا سِيَّمَا الرُّقْيَةُ فِعْلًا كَمَا فِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَعَنْ أَبَوَيْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا اشْتَكَى إنْسَانٌ أَيْ مَرِضَ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ أَذْهِبْ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُك شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا» أَوْ قَوْلًا كَمَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «ضَعْ يَدَك عَلَى الَّذِي يَأْلَمُ مِنْ جَسَدِك، وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاَللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ» .
وَفِي الْبُخَارِيِّ «اسْتَرْقُوا لَهَا فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ» قَالَهُ حِينَ رَأَى جَارِيَةً وَمِثْلَهَا فِي غَايَةِ كَثْرَةٍ. كَمَا فِي الْمَشَارِقِ، وَالْحِصْنِ لَا سِيَّمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَوَامِرِ الْوُجُوبُ وَلَا أَقَلَّ مِنْ النَّدْبِ، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اسْتِحْبَابِ تَرْكِهِمَا. قُلْت الْمُرَادُ بَعْضُهُمَا كَمَا سَيُشِيرُ الْمُصَنِّفُ وَأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ يَكُونُ لِلْإِبَاحَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿كُلُوا﴾ [البقرة: ٥٧] وَقَوْلُهُ ﴿فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢] بَلْ لِلْإِذْنِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ [الملك: ١٥] لَمَّا ذَكَرَ أَقْسَامَ الْأَسْبَابِ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ أَحْكَامَهَا فَقَالَ عَلَى طَرِيقِ التَّفْصِيلِ بَعْدَ الْإِجْمَالِ.
(أَمَّا الْمَقْطُوعُ بِهِ) وَهُوَ أَوَّلُ الثَّلَاثَةِ (فَلَيْسَ تَرْكُهُ مِنْ التَّوَكُّلِ) عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (بَلْ تَرْكُهُ حَرَامٌ عِنْدَ خَوْفِ الْمَوْتِ) مِنْ الْعَطَشِ أَوْ الْجُوعِ لِظُهُورِ التَّهْلُكَةِ لِكَوْنِهِ سَبَبًا قَطْعِيًّا.
(وَأَمَّا الْمَوْهُومُ) ثَالِثُ الْأَقْسَامِ (فَشَرْطُ التَّوَكُّلِ) عَلَى اللَّهِ تَعَالَى (تَرْكُهُ إذْ بِهِ) أَيْ بِتَرْكِ هَذَا الْقِسْمِ الْمَوْهُومِ (وَصَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَوَكِّلِينَ وَذَلِكَ فِي حَدِيثٍ بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ ﵊ قَالَ أُرِيت» بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ أَرَانِي اللَّهُ تَعَالَى «الْأُمَمَ» أُمَمَ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ «بِالْمَوْسِمِ» فِي مَوْسِمِ مِنًى.
«فَرَأَيْت أُمَّتِي» أُمَّةَ إجَابَةٍ لَا أُمَّةَ دَعْوَةٍ «قَدْ مَلَئُوا السَّهْلَ، وَالْجَبَلَ فَأَعْجَبَنِي كَثْرَتُهُمْ وَهَيْئَاتُهُمْ فَقِيلَ» مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى «لِي أَرَضِيت؟ قُلْت: نَعَمْ قَالَ وَمَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ» أَيْ حِسَابِ الْمُنَاقَشَةِ إمَّا عَلَى مُوجِبِ قُوَّةِ اكْتِسَابِهِمْ الصَّالِحَاتِ وَمُتَارَكَةِ الزَّائِلَاتِ الْفَانِيَاتِ أَوْ بِفَضْلِهِ تَعَالَى ابْتِدَاءً أَوْ بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ «قِيلَ» مِنْ الصَّحَابَةِ «مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ» الْغَرَضُ مِنْ السُّؤَالِ مَعْرِفَةُ سَبَبِ هَذَا الدُّخُولِ حَتَّى يُحَصِّلَهُ بَلْ غَرَضُ هَذَا الْحَاكِي - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ ذَلِكَ.
«قَالَ هُمْ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ» لَا يَتَدَاوُونَ بِالْكَيِّ «وَلَا يَسْتَرْقُونَ» لَا يَتَدَاوُونَ بِالرُّقْيَةِ «وَلَا يَتَطَيَّرُونَ» لَا يَتَشَاءَمُونَ ضِدُّ التَّفَاؤُلِ «وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» يُقْصِرُونَ

1 / 268