228

Bariqat Maḥmūdiyya fī sharḥ Ṭarīqat Muḥammadiyya wa-sharīʿat nabawiyya fī sīrat Aḥmadiyya

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

Publisher

مطبعة الحلبي

Edition

بدون طبعة

Publication Year

١٣٤٨هـ

الظَّاهِرِ فَإِنْ قِيلَ إنَّ الَّذِي اعْتَبَرْت هُوَ مَعْنًى مَجَازِيٌّ وَمَا اعْتَبَرُوهُ مَعْنًى حَقِيقِيٌّ فَكَيْفَ يَكُونُ ظَاهِرًا قُلْت: لَوْ سُلِّمَ ذَلِكَ لَيْسَ كُلُّ حَقِيقَةٍ ظَاهِرًا أَوْ لَا كُلُّ مَجَازٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ فَإِنَّ صُدُورَ ذَلِكَ عَنْ الْمُسْلِمِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ حَقِيقَتِهِ بَلْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ نَحْوِ ذَلِكَ الْمَجَازِ وَقَدْ عَرَفْت قَرِيبًا عَدَمَ إكْفَارِ مُسْلِمٍ مَا لَمْ تَنْسَدَّ أَبْوَابُ التَّأْوِيلِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا قَالَ أَهْلُ الْمَعْقُولِ أَيْضًا لَا يَنْبَغِي تَخْطِئَةُ كَلَامٍ يُمْكِنُ إصْلَاحُهُ وَلَوْ بِاحْتِمَالٍ ضَعِيفٍ.
(وَفِي النِّصَابِ) أَيْ كِتَابِ نِصَابِ الِاحْتِسَابِ (وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ كُلُّ شَيْءٍ مَعْلُومٌ لِلَّهِ تَعَالَى)؛ لِأَنَّهُ مِصْدَاقُ قَوْله تَعَالَى - ﴿قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: ١٢]- لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا السَّوْقِ إنْ أَرَادَ الْمَعْنَى الْمُرَادَ بِالْعِبَارَةِ الْأُولَى كَفَرَ لَا بِالثَّانِيَةِ وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ الْقَائِلَ عِنْدَ قَصْدِ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ هَذَا التَّرْكِيبِ لَيْسَ يَكْفُرُ أَلْبَتَّةَ لِتَحَمُّلِ اللَّفْظِ عَلَى هَذِهِ الْإِرَادَةِ.
(وَفِيهَا) (رَجُلٌ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِالْفَوْقِ أَوْ بِالتَّحْتِ) (فَهَذَا تَشْبِيهٌ) أَيْ بِالْأَجْسَامِ فَتَجْسِيمٌ (وَكُفْرٌ) لَعَلَّهُ إنْ كَانَ مُرَادُهُ مِنْ الْفَوْقِ هُوَ الْعُلُوُّ، وَالرِّفْعَةُ، وَالْقَهْرُ، وَالْغَلَبَةُ فَلَا يَكْفُرُ بَلْ يَنْبَغِي إجْرَاءُ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ مِنْ إرَادَةِ حِكَايَةِ مَا فِي الْأَخْبَارِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح: ١٠] ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ﴾ [الزخرف: ٨٤] .
(وَفِيهَا) (رَجُلٌ قَالَ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِعْلًا لَا حِكْمَةَ فِيهِ) (يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بِالسَّفَهِ) وَالْعَبَثِ إذْ كُلُّ فِعْلٍ خَالٍ عَنْ الْمَصْلَحَةِ، وَالْفَائِدَةِ فَهُوَ عَبَثٌ (وَهُوَ كُفْرٌ)؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى رَاعَى الْحِكْمَةَ فِيمَا خَلَقَ وَأَمَرَ وَإِنْ خَفِيَ عَلَيْنَا حِكْمَةُ بَعْضِ أَفْعَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، لَكِنْ يَشْكُلُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ وُجُوبُ رِعَايَةِ الْحِكْمَةِ، وَقَدْ عَرَفَتْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ الْكُفْرُ فِي وُقُوعِ فِعْلٍ بِلَا حِكْمَةٍ لَبَعُدَ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ فَتَأَمَّلْ.
(وَفِيهَا: وَلَوْ) (قَالَ خداي بود) أَيْ كَانَ اللَّهُ (وَهَيْج نبود) وَمَا كَانَ شَيْءٌ (وَبِأَشَدْ) أَيْ يَكُونُ اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا (وَهِيج نباشد) أَيْ وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ أَصْلًا (فَقَدْ قِيلَ الشَّطْرُ الثَّانِي) وَهُوَ وَيَكُونُ اللَّهُ وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ أَصْلًا (مِنْ كَلَامِ الْمَلَاحِدَةِ) الْكَافِرِينَ بِالتَّمَسُّكِ بِبَاطِنِ الْقُرْآنِ فَقَطْ دُونَ ظَاهِرِهِ لِغَرَضِ إبْطَالِ الشَّرَائِعِ كَمَا فُهِمَ مِنْ تَفْسِيرِ بَعْضٍ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ هُمْ الْبَاطِنِيَّةُ الَّذِينَ سُمُّوا بِالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ لَكِنْ ظَاهِرُهُ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنَّ ظَنَّهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ وَمَا فِيهَا مِنْ الْحُورِ الْعِينِ لِلْفَنَاءِ) يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَلَاحِدَةُ هُمْ الْجَهْمِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِفَنَاءِ الْجَنَّةِ، وَالنَّارِ وَفَنَاءِ أَهْلِهِمَا.
(وَهُوَ) أَيْ هَذَا الظَّنُّ (كُفْرٌ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ)؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعُ لَيْسَ عَلَيْهِ شُبْهَةٌ فَضْلًا عَنْ حُجَّةٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ (وَخَطَأٌ عَظِيمٌ) لَيْسَ بِكُفْرٍ (عِنْدَ الْبَعْضِ) لَكِنْ يُخَافُ مِنْهُ الْكُفْرُ لِاحْتِمَالِ حِكَايَةِ ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ [الرحمن: ٢٦] ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٧] .
قَالَ الْمَوْلَى الْمُحَشِّي هُنَا ثَلَاثَةُ

1 / 228