192

Bariqat Maḥmūdiyya fī sharḥ Ṭarīqat Muḥammadiyya wa-sharīʿat nabawiyya fī sīrat Aḥmadiyya

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

Publisher

مطبعة الحلبي

Edition

بدون طبعة

Publication Year

١٣٤٨هـ

الظَّنِّ حَقِيقَةً.
وَفِي شَرْحِ الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ الِاعْتِقَادُ الْمَشْهُورُ دَاخِلٌ فِي الْإِيمَانِ وَمُرَادُهُ مِنْهُ أَنَّهُ الرَّاجِعُ إلَى الظَّنِّ وَلَا نِزَاعَ فِي كِفَايَةِ الظَّنِّ فِي بَعْضِ الِاعْتِقَادِيَّاتِ كَمَسْأَلَةِ الرُّؤْيَةِ وَصِفَةِ التَّكْوِينِ وَتَفْضِيلِ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى بَعْضٍ بَلْ إثْبَاتِ صِفَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَنَحْوِهَا وَأَيْضًا جَعَلُوا التَّصْدِيقَ الْإِيمَانِيَّ وَالْمِيزَانِيَّ مُتَّحِدَيْنِ وَالْمِيزَانِيُّ شَامِلٌ لِلظَّنِّ أَيْضًا وَأَنَّ اللَّازِمَ لِلِاسْتِدْلَالِ وَالنَّظَرِ قَدْ يَكُونُ ظَنًّا فَلْيُتَأَمَّلْ حَقَّ التَّأَمُّلِ.
(وَيَصِحُّ أَنْ يَقُولَ مَنْ وُجِدَا) التَّصْدِيقُ وَالْإِقْرَارُ (فِيهِ أَنَا مُؤْمِنٌ حَقًّا) لِتَحَقُّقِ الْإِيمَانِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ بِأَنْ كَانَ شَاكًّا أَوْ مُتَرَدِّدًا أَوْ خَالِي الذِّهْنِ لَكَانَ كَافِرًا وَمَنْ شَكَّ فِي إيمَانِهِ فَهُوَ كَافِرٌ (وَلَا يَنْبَغِي) أَيْ لَا يَلِيقُ بَلْ يَجُوزُ (أَنْ يَقُولَ أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَيَانُ تَغْيِيرٍ يُبْطِلُ جَمِيعَ الْعُقُودِ فَيَرْفَعُ الْإِيمَانَ وَإِنْ كَانَ لِلتَّأَدُّبِ أَوْ التَّبَرُّكِ وَالْإِحَالَةِ إلَى مَشِيئَتِهِ تَعَالَى وَعِلْمِهِ أَوْ لِلشَّكِّ فِي عَاقِبَتِهِ أَوْ التَّبَرِّي مِنْ تَزْكِيَةِ نَفْسِهِ وَالْإِعْجَابِ بِحَالِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْمَرْوِيُّ عَنْ السَّلَفِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي نَفْسِهِ لَكِنْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ لِإِيهَامِ الشَّكِّ وَقَدْ أُمِرْنَا بِاتِّقَاءِ مَوَاضِعِ التُّهَمِ.
وَبِالْجُمْلَةِ نِزَاعُ الْفَرِيقَيْنِ رَاجِعٌ إلَى اللَّفْظِ (وَالْإِيمَانُ بِهَذَا الْمَعْنَى) أَيْ التَّصْدِيقِ وَالْإِقْرَارِ (مَخْلُوقٌ) كَسَائِرِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ (كَسْبِيٌّ) أَيْ حَاصِلٌ بِمُبَاشَرَةِ الْأَسْبَابِ بِالِاخْتِيَارِ كَصَرْفِ الْعَقْلِ وَالنَّظَرِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَقَدْ عَرَفْت حَالَ مَا يَحْصُلُ بِالضَّرُورَةِ (وَأَمَّا) الْإِيمَانُ (بِمَعْنَى هِدَايَةِ الرَّبِّ تَعَالَى لِعَبْدِهِ إلَى مَعْرِفَتِهِ) بِلَا كَيْفٍ وَلَا كَيْفِيَّةٍ (فَغَيْرُ مَخْلُوقٍ) لِأَنَّ الْهِدَايَةَ مِنْ التَّكْوِينِ وَهُوَ قَدِيمٌ عِنْدَ الْمَاتُرِيدِيَّةِ وَإِنْ كَانَ حَادِثًا عِنْدَ الْأَشَاعِرَةِ قِيلَ: عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ مَخْلُوقٌ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ وَكَذَا عَكْسُهُ.
قَالَ النَّسَفِيُّ الْإِيمَانُ فِعْلُ الْعَبْدِ بِهِدَايَةِ الرَّبِّ فَمَا مِنْ الْعَبْدِ مَخْلُوقٌ وَمَا مِنْ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ (وَإِيمَانُ الْمُقَلِّدِ) لِلْغَيْرِ كَالْآبَاءِ وَأَفْوَاهِ الرِّجَالِ فِي الْأَسْوَاقِ بِلَا اسْتِدْلَالٍ.
قَالَ فِي التتارخانية الْمُقَلِّدُ هُوَ الَّذِي اعْتَقَدَ جَمِيعَ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بِلَا دَلِيلٍ (صَحِيحٌ) عِنْدَنَا إنْ كَانَ مُصِيبًا جَازَ مَا فِي الْحَالِ وَإِنْ احْتَمَلَ نَقِيضَهُ فِي الْمَآلِ لَكِنْ عِنْدَ خُطُورِ ذَلِكَ النَّقِيضِ بِنَحْوِ تَشْكِيكِ الْمُشَكِّكِ يَكْفُرُ وَعِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ وَالْبَاقِلَّانِيّ وَأَبِي هَاشِمٍ وَالْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ قِيلَ: وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَا تَقْلِيدَ فِي الْعَقَائِدِ الدِّينِيَّةِ وَنُسِبَ إلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ وَلِذَا قِيلَ: الْمُقَلِّدُ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ أَصْلًا
وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَطِيَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى - ﴿أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا﴾ [البقرة: ١٧٠]- قُوَّةُ هَذِهِ الْآيَةِ تُعْطِي إبْطَالَ التَّقْلِيدِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى إبْطَالِهِ فِي الْعَقَائِدِ وَعَنْ الزَّمَخْشَرِيِّ لَا ضَالَّ أَضَلَّ مِنْ الْمُقَلِّدِ وَعَنْ الْقَاضِي أَنَّ التَّقْلِيدَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي التَّوْحِيدِ أَقُولُ حُكِيَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ حَكَى عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ صِحَّةَ إيمَانِ الْمُقَلِّدِ وَعَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ وَأَبِي الْحَسَنِ الشَّاذِلِيِّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ نِسْبَةُ الصِّحَّةِ إلَى الْجُمْهُورِ قِيلَ: إنَّ عَلَيْهِ مُحَقِّقِي أَهْلِ السُّنَّةِ وَقِيلَ: الِاتِّفَاقُ عَلَى قَبُولِهِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى قَبُولِهِ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى - ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: ٩٤]

1 / 192