178

Bariqat Maḥmūdiyya fī sharḥ Ṭarīqat Muḥammadiyya wa-sharīʿat nabawiyya fī sīrat Aḥmadiyya

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

Publisher

مطبعة الحلبي

Edition

بدون طبعة

Publication Year

١٣٤٨هـ

احْتَمَلَ النَّصُّ وَقَدْ نُقِلَ عَنْ صَاحِب النِّهَايَةِ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْمُؤَيَّدَ بِالْحُجَّةِ الْقَطْعِيَّةِ يَصِحُّ إضَافَةُ الْغَرَضِ إلَيْهِ وَإِنْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ بِأَنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ يُضَافُ إلَى ذَلِكَ الْقَطْعِيِّ لَكِنْ دُفِعَ بِأَنَّ مِنْ الْمُقَرَّرَاتِ صِحَّةَ إضَافَةِ الْحُكْمِ الْمُبَيِّنِ إلَى الْبَيَانِ أَيِّ بَيَانٍ كَانَ وَبِالْجُمْلَةِ يَجُوزُ إضَافَةُ الْحُكْمِ إلَى الْكِتَابِ وَإِلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ الْمُبَيِّنِ لَهُ وَلَوْ مِنْ جِهَةِ دَفْعِ احْتِمَالِهِ الْقَادِحِ فِي مُفَسَّرِيَّتِهِ أَوْ مُحَكَّمِيَّتِهِ فَاحْفَظْ هَذِهِ اللَّطَائِفَ النَّفِيسَةَ تَنْفَعُك فِي الْمَوَاضِعِ الصَّعْبَةِ وَبِالْجُمْلَةِ يَصِحُّ إضَافَةُ شَفَاعَةِ الْكَبِيرَةِ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِالتَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ لَا يَنَالُ فَبَعْدَ مَا أَشَارَ النَّسَفِيُّ إلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ قَالَ: مَحْمُولٌ عَلَى اسْتِحْلَالِ ذَلِكَ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي أُمَّتِي لَا تُلَائِمُهُ (لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ وَغَيْرِهِمْ) كَأَهْلِ الصَّغَائِرِ وَلِرِفْعَةِ الدَّرَجَةِ، وَأَعْظَمُ الشَّفَاعَاتِ شَفَاعَةُ نَبِيِّنَا ﷺ قَالَ الْمُحَقِّقُ الدَّوَانِيُّ عَنْ الْغَيْرِ: هُوَ ﵊ مُشَفَّعٌ فِي جَمِيعِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إلَّا أَنَّ شَفَاعَتَهُ لِلْكُفَّارِ لِتَعْجِيلِ فَصْلِ الْقَضَاءِ فَيُخَفِّفُ عَنْهُمْ أَهْوَالَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ لِلْعَفْوِ وَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ فَشَفَاعَتُهُ عَامَّةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى - ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧]- وَلَا يُرَدُّ مَطْلُوبُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى - ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضحى: ٥]- وَلِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لَهُ: اشْفَعْ تُشَفَّعْ وَسَلْ تُعْطَ» وَهُوَ ﵊ لَا يَرْضَى إلَّا بِإِخْرَاجِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ الْإِيمَانِ مِنْ النَّارِ هَذَا هُوَ الشَّفَاعَةُ الْكُبْرَى الَّتِي خَصَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ بِهَا.
قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي مَوَاهِبِهِ الشَّفَاعَةُ خَمْسٌ وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ اللَّقَانِيِّ بِبَعْضِ زِيَادَةِ قُيُودِهَا، الْأَوَّلُ فِي الْإِرَاحَةِ مِنْ هَوْلِ الْمَوْقِفِ أَعْظَمُهَا وَأَعْمَلُهَا.
الثَّانِي فِي إدْخَالِ قَوْمٍ الْجَنَّةَ بِلَا حِسَابٍ وَهُمَا مُخْتَصَّانِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
الثَّالِثُ: فِيمَنْ اسْتَوْجَبَ النَّارَ.
الرَّابِعُ: فِي إخْرَاجِ مَنْ دَخَلَ النَّارَ.
الْخَامِسُ: فِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ
وَنُقِلَ عَنْ السُّيُوطِيّ زِيَادَةُ سَادِسَةٍ فِي تَخْفِيفِ الْعَذَابِ عَمَّنْ اسْتَحَقَّ الْخُلُودَ فِي النَّارِ كَمَا قَالَ فِي حَقِّ أَبِي طَالِبٍ «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ النَّارِ» وَفِي شِفَاءِ الْقَاضِي «أَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ أَبَا طَالِبٍ كَانَ يَحْفَظُك وَيَنْصُرُك وَيُبْغِضُ لَك فَهَلْ نَفَعَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ وَجَدْتُهُ فِي غَمَرَاتٍ مِنْ النَّارِ فَأَخْرَجْتُهُ إلَى ضَحْضَاحٍ» وَزَادَ فِي الْمَوَاهِبِ سَابِعَةً وَهِيَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ.
(وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ الْمَوْجُودَتَانِ الْآنَ) لِأَنَّ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثَ فِي بَيَانِهِمَا أَشْهَرُ مِنْ أَنْ لَا تَخْفَى وَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى، وَلِقِصَّةِ آدَمَ وَحَوَّاءَ وَإِذَا ثَبَتَ وُجُودُهُمَا مَرَّةً لَا يُحْكَمُ عَلَى عَدَمِهِمَا مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَإِلَّا صَحَّ عَدَمُ تَعَيُّنِ مَكَانِهِمَا.
قَالَ الدَّوَانِيُّ: وَالْأَكْثَرُونَ أَنَّ الْجَنَّةَ فَوْقَ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَتَحْتَ

1 / 178