فقال محمد وهو يغمز بعينه الباقية: إنه يؤجر شققا مفروشة استأجرها وهي خالية - بفضل أخيه - من عمارات الحراسة!
ونقل وجهه بين الوجوه ثم واصل: إنه يستأجر الشقة خالية وتتعهد الراقصة بفرشها؛ فهما شريكان!
فقالت منيرة بازدراء: ما ننال منه مليما فوق نصف مرتبه.
فقال محمد: ويقال إن زوجته على علاقة مع المخابرات!
وانتبهوا ذات يوم والجيش يجلجل في شوارع القاهرة. تابعت منيرة وأمين وعلي منظره المهيب من شرفة شقتهم بالعباسية. ورآه شفيق وعزيز صفوت بميدان التحرير. وسرعان ما ذاع وملأ الأسماع أن الجيش ذاهب إلى سيناء ليمنع تهديد إسرائيل لسوريا. وفي الحال تجسدت الحرب كحقيقة وشيكة الوقوع في أخيلة الناس. وفي البيت القديم بحلوان نظرت كوثر نحو رشاد كأنما تطالبه بالعدول عن نيته في الالتحاق بالكلية الحربية، وتساءلت: ما هذه الحروب؟ .. كأنها أعياد موسمية!
ووجمت سنية، تذكرت حلما رأته ولم تحدث به أحدا؛ رأت القبر مفتوحا والأجداث داخله متراصة، وأنها كانت تنادي شخصا ما ليسده ولكن صوتها لم يسمع. همت بالإشارة إلى الحلم ولو إشارة غامضة ولكنها عدلت وأوت إلى الصمت. أما كوثر فرجعت تقول: حلوان اليوم بها مصانع حربية!
ففكرت سنية ببيتها القديم وتساءلت: هل يتحمل بيتنا الانفجارات القريبة؟
ثم واصلت بشيء من الثقة: ولكن الرئيس يعرف ما يصنع.
وفي شقة باب اللوق دار حديث الحرب بحضور محمد وألفت وشفيق وسهام وعزيز صفوت. تساءلت ألفت: ماذا يعني إغلاق المضايق وانسحاب الجيش الدولي؟
فقال محمد بسخرية: يعني أن سفن إسرائيل كانت تمر في أمان منذ عشر سنوات أو منذ النصر المزعوم!
Unknown page