Balaghat Gharb
بلاغة الغرب: أحسن المحاسن وغرر الدرر من قريض الغرب ونثره
Genres
الفتاة الأسيرة
La Jeune Captive «يحترم المنجل السنبلة قبل نضجها غاضا أمامها الطرف، ويرشف جديد الغصون من الكروم ما يهديه إليه الفجر في أيام الصيف من الندى البليل غير خائف من ألم العصر، وإني لجميلة فتية مثلها أكره الموت ولو أني الآن هدف لقلق البال والسأم.
ليطر إلى الموت الزؤام من عصى دمعه من الصبر والجلد وعدم المبالاة، ولكني أنوح والأمل ملء فؤادي، وحينما تهب الشمأل أخفض رأسي حرصا، ثم أرفعها إذا مرت، وإن كان لبعض الأيام مرارة فلغيرها حلاوة تنسي نكدها وتبرئ أوصابها. وهل رأيت شهدا شهيا لا تعافه النفس إن واظبت عليه وبحرا خلوا من الأنواء والأعاصير؟
تبيض وتفرخ بقلبي الأماني والآمال في سجن تكاد جدرانه تنيخ علي لئلا أفلت منها، ولكن ساء زعمها؛ فإني راكبة جناحي الأمل، كالعندليب تسرب من قفص بائع الطيور القاسي، طائرا منتعشا متهللا في فسيح الخلاء ومزهر الرياض، وقد اكتنفه الهناء من كل صوب، يغرد ثملا بنشوة الحرية والسعادة.
أيموت مثلي؟ من تنام والدعة غطاؤها، وتسهر والسكون أنيسها، ولم يخالجها توبيخ الضمير في اليقظة ولا في النوم.
وكان حسن لقائي نهارا باديا في العيون، وكأنه يبسم لي ظاهرا على الجباه التي اكفهرت من البؤس والعناء، وقد أنعش مرآي الجميع في هذه الأماكن، وهللهم بشرا وسرورا.
إنني في مبدأ رحلتي الشائقة مسافرة تحت ظلال الأشجار الجميلة، التي تحف طريقي من الجانبين، ولم أكد أمر على أولاها وقد مدت أمامي مائدة الحياة، وما أوشكت أن افتتحها ممسكة كأسا ما فتئت مفعمة إذ لم تكد تنضم عليها شفتاي، ولست إلا في الربيع، وأشتهي أن أدرك الحصاد أو كالشمس تنتقل من فصل لآخر لتتم سنتها.
إني لزهرة متلألئة فوق غصني، مزرية بما حولي من الأزهار في بستان دولة الجمال، ولم تتمتع بأشعة الغزالة إلا عند شروقها، وأبغي أن أحظى بها لغاية غروبها.
أيها الموت! إنك لتستطيع أن تنظرني
5
Unknown page