Bahr Madhhab
بحر المذهب (في فروع المذهب الشافعي)
Investigator
طارق فتحي السيد
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
٢٠٠٩ م
Genres
وتنجس بموت الحيوان لاتصالها به وهو ضعيف.
فإذا تقرر هذا، فعلى المذهب المشهور الحيوان على ثلاثة أضرب، نجس، وطاهر يؤكل لحمه، وطاهر لا يؤكل لحمه، فالنجس ما كان [٣٤ ب/ ١] نجسًا في حال حياته، فلا سبيل إلى طهارة شعره. وأما ما يؤكل لحمه فشعره طاهر إذا جز وحلق، وإذا زكى، فلو نتف أو قطع بضعة لحم منه وعليها صوف أو شعر لا نص فيه.
واختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: إنه نجس لأنه غير مأذون فيه.
ومنهم من قال: إنه طاهر وهو كالذبح بسكين، قال: يفيد الإباحة مع الكراهة والتحريم وتنجس شعره في موضع واحد، وهو إذا مات حتف أنفه.
وأما ما لا يؤكل لحمه من الطاهر كالبغل والحمار ونحوها فشعره طاهر في موضع واحد، وهو ما دام قائمًا عليه في حياته، فإن جز منه أو حلق أو مات حتف أنفه أو قتل أو ذبح نجس، فإن دبغ الجلد فهو يطهر الشعر تبعًا، فهو على ما ذكرنا من القولين.
وأما شعر بني آدم قال بعض أصحابنا: الآدمي هل ينجس بالموت؟ قولان، والصحيح أنه لا ينجس؛ لأنه يؤمر بغسله تعبًا فإن قلنا: لا ينجس بالموت فشعره وشعر ما لا يؤكل لحمه واحد. وقيل في شعره قول واحد إنه طاهر، لأنه صح رجوعه فيه. وأما شعر رسول الله ﷺ إن قلنا شعر غيره من الآدميين طاهر فشعره أولى. وإن قلنا: ذاك نجس ففي شعره وجهان. قال أبو جعفر الترمذي وجماعة: هو طاهر؛ لأن النبي ﷺ لما حلق رأسه فرق شعره على أصحابه، ولو كان نجسًا [٣٥ أ/ ١] منه كالدم والبول.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: في بوله ودمه وجهان أيضًا؛ لأن ابن الزبير حسا دمه تبركًا ولم ينكر عليه. وروي أن أبا طيبة شرب دمه. وروي أن النبي ﷺ دفع محاجمه إلى علي ﵁، فقال: "واره حيث لا يراه أحد" فشرب دمه وقال: واريته حيث لا يراه أحد، فقال: "لعلك شربتها". فقال: نعم. فلم ينكر عليه. وروي أنه أم أيمن شربت بوله فقال: ﵊: "لا ينجع بطنك" وهذا بعيد. وقد روي أنه نهى أبا طيبة عن مثله وقال: "حرم الله جسمك على النار". وروي عن سالم بن أبي سالم الحجام، قال: حجمت رسول الله ﷺ، فلما وليث المحجمة من رسول الله ﷺ شربته، فقلت: يارسول الله شربته، فقال: "ويحك يا سالم، أما علمت أن الدم كله حرام، لا تعد".
1 / 60