وفي العشر الوسطى من شهر جمادى الأخرى وقعت رجفة وزلزلة في ضوران، ولم تقع في غيره من البلدان، فحصل مع الإمام والناس خوف من ذلك الشأن، وفيه عبرة وموعظة كما قال تعالى: {وما نرسل بالآيات إلا تخويفا }خصوصا حيث خص الله به ذلك المكان دون غيره من سائر البلدان، وتتابعت تلك الرجفات، كانت عشية الخميس وليلة الجمعة رابع عشر الشهر المذكور، حتى بلغت نحو ثلاثين رجفة متتابعة، ولم يحصل من ذلك انتباه بإنصاف الشكاة في تخفيف المطالب التي زادت في اليمن الأسفل[69/أ]، وهي مطلبة التبن لمن شرم أو لم يشرم، ومطلبة الصلاة لمن صلى أو لم يصل، ومنها مطلبة الرياح، ومنها مطلبة البارود والرصاص، ومنها مطلبة سفرة الوالي، ومنها مطلبة دار الضرب، ومنها ضيفة العيدين والمعونة: {إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم } ولم يكن في اليمن الأعلى من هذه المطالب إلا مطلبة ضيفة العيدين والمعونة، وإن كان اليمن الأسفل كثير الخيرات والمحصولات بالنظر إلى اليمن الأعلى، لكن كان الواجب الرفق والعدل، ولا نزيد على الطين بله، كما ذكر السبكي من الشافعية في (معيد النعم ومبيد النقم)، وفي الحديث: ((ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )).
وقد ثبت في الأحاديث أن سبب الزلازل المعاصي والظلم والكبائر، كما ذكره السيوطي في كتابه (الصلصلة في الزلزلة)، ثم إن هذه الزلزلة عادت في ثالث شهر رجب أيضا في ذلك المحل[69/ب].
ووصل إلى الإمام كثير من الجهات للزيارة والهدايا والضيافة ما يكثر، وترادف الواصلون، وامتلأت الأماكن.
Page 385