ولما كثر منهم هذه السنين النهب وأذية المسلمين ابتلاهم الله بالقحط والجوع، حتى خلت أكثر بلادهم وطاسوا في الأرض، وأما طعن السيد في أحمد بن الحسن، فأحمد بن الحسن قام أميرا محتسبا، وإن كان عند نفسه إماما، وأما شروط الإمامة فهي في الجميع غير حاصلة، والملك لله يؤتيه من يشاء وأهل اليمن هم كثير في الاختلاف والدعاوي، فلعل هذه لكون يده قوية في مصلحة صدم أولئك، وحسم شجارهم واختلافهم[197/أ]، ووجدنا الدلائل القرآنية، والسنة النبوية دالة على أن مقصود الشارع حسم الهرج والفتنة، والسعي في إصلاح الأمة، وفي الخروج بعد هذا الاستقرار ما لا يخفى من الهرج والتهييج للفتنة والأشرار، وكل أحد ممن يخاف الله ويتقيه يتورع عن إشعال نار الفتنة ولا يبتغيه، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها))، ثم إنا رأينا في الجفر المنقول عن الإمام علي ذكر أحمد بن الحسن بإسمه، بعد موت عمه بحروفه في مختصر بعض المطالب من جفر الإمام علي بن أبي طالب، الذي أخرجه الشيخ طاهر المغربي لوالده الحسن بن القاسم، ورأينا أيضا في جفر آخر الذي فيه الملاحم لمحمد بن سالم يذكر فيه صفة إسماعيل بن القاسم ثم محمد بعده خادمه الملك بن الحسن، حيث قال ما لفظه: المائة الحادية عشر يظهر فيها الظلم، ويبطل فيها الشرع، فتصير الأرض هملا كأيام الفترة، ولا تجود السماء يومئذ بقطرة، وفيها يظهر الإمام الرحيم صاحب القلب السليم فينفي الغين، وينهى عن كل شين، وبعده سبطه القوام المعروف بالإمام، يعاديه أقاربه، ويحبه وزيره وصاحبه، وبعده خادمه المنسوب إلى الحاء وهو الملك الزاهر، فيقرر المقررات ويعود العوائد.
Page 552