233

وفي غرة شهر شعبان منها وصلت كتب أحمد بن حسن إلى محمد بن المتوكل صاحب صنعاء يذكر له فيها أنه رأى أن اليهود كثرت ضريبتهم المشبهة على دار الضرب، وفيها نحاس كثير وغش وكثر منهم بيع الخمر من المسلمين وأعمال السحر، وأنه قد رأى إخراجهم من جزيرة العرب لما ثبت في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أخرجوا اليهود من جزيرة العرب )) ، وأنه مع هذا الذي رآه لا يستغني عن استمداد الرأي في مثل ذلك، فعرض محمد بن المتوكل الكتاب على جماعة من الحاضرين، فأجاب الفقيه أحمد بن صالح بن أبي الرجال بأن الرأي إخراجهم عن جزيرة العرب، ولا يبقى منهم أحد، وصنف في ذلك كراسة كل حججها مقلوبة معلولة، ووافقه يحيى جباري قاضي ذمار، فاستحسن إخراجهم، مصانعة مسايرة للمهدي ويحيى بن حسين بن المؤيد كثر في تحريض المهدي بإخراجهم.

وقال القاضي محمد بن قيس: الأمر كذلك، وأنه لا ذمة لهم في اليمن وليس من مساكنهم، لكنه يجب عليكم تأمينهم وحفظهم من تخطفات القبائل إلى مأمنهم؛ لقوله تعالى: {فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه} وأجاب القاضي محمد بن علي العنسي بأنه (يخرج المفسد لا غيره).

[188/ب] وأودع محمد بن المتوكل إلى كاتب الأحرف ما ترونه في هذا؟ فقلت للرسول: ما أقول بشيء غير ما قال العلماء السابقون والعلماء المحققون: فهذه المسألة قد فرغوا عنها وقرروها في كتبهم وحرروها، فلا ينبغي منا قول يخالف ذلك، وهذا كتاب (البحر) أجمع كتاب في الخلاف، وأقوال العلماء في آخره في السير يقول فيه: أن المراد بجزيرة العرب، هو الحجاز لا غيره وإن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بالجزيرة لحديث آخر رواه البيهقي وغيره أنه قال صلى الله عليه وسلم: ((أخرجوا اليهود من الحجاز )) وأن قوله في الحديث: أخرجوا اليهود من جزيرة العرب من تسمية البعض باسم الكل، من المجاز المرسل.

Page 536