229

وفي آخر شهر جمادى الأولى عادت الجراد التي كانت توجهت إلى اليمن الأسفل تؤم جهة القبلة من حيث جاءت أولا، فضرت في هذه البلاد التي مرت بها في الزراعة، أكلت منها بعضها وهي نبات، وعند ذلك غلت الأسعار في الجهات لا سيما مع قل المطر في الخريف، فبلغ القدح بصنعاء أربعة حروف، والشعير إلى ثلاثة، وأما الذرة فمعدومة لأجل جراد العام الماضي، واشتدت الأزمة مع أهل اليمن الأسفل، ورحلوا إلى البلاد العليا، وخلت بالسحول قرى كثيرة، وصلبت أموال عديدة وعرضت بأبخس الأثمان، فلم يشترها أحد لعدم من بقي من الساكنين لإقامتها فلله الأمر. ومات في اليمن الأسفل عالم لا يحصون، بحيث أخبرني رجل[185/ب] أنه دخل بيتا في قرية فوجد فيه سبعة موتى، قد ظهرت رائحتهم ونتنهم، ثم دخل مكان آخر فوجد رجلا في آخر رمق وامرأة ميتة وطفل يرضع منها وقد هي ميتة، قال: فسأل ذلك الرجل ما شأنكم؟ فقال: الجوع وأمر الله الذي قضاه، قال: فاستعبرا وحمل الطفل إلى راعي غنم قد رآه فمكنه الطفل يرضعه من غنمه، وسار فارا من الأمر الذي رآه وأفزعه. ووصف لي آخر من أهل جبلة وصفا عجيبا وقال: ما قد رأينا مثل هذا الزمان في اليمن، خلت قرى وصلبت أموال ومات عالم لا يحصى، وفقر في الناس كثير وغني آخرون ممن معه من الحب.

Page 532