وفي شهر الحجة منها أرسل محمد بن المتوكل صاحب صنعاء جماعة من العسكر والخيل إلى شعوب لمنع جمال محمد بن أحمد صاحب الروضة عن حمل أثل كان فيه شجار، دعوى للفقيه يحيى بن حسين السحولي ناظر الوقف، فأبرز محمد بن أحمد حكما شرعيا من القاضي علي بن جابر الهبل، فلا وجه لرد الجمال، ووضع الأثل من ظهورها من غير وجه فبرده الفقيه بن جميل، وقال: الأمر جميل فيكون الصبر منكم، والصفح لكم؛ لئلا يحصل ما يحصل من الاشتجار في هذا الأمر الحقير، الذي ما كان مثله يكلف لا قليل ولا كثير، فحصل المعقول من جهة ابن جميل، ووضعت الأحمال وترك باقي الأثل في موضعه بلطف منه ومداركة وحال جميل، وظهر بين الرجلين كوامن الأحقاد والاستيحاش إلى غير المراد، وطلب محمد بن الإمام عقب ذلك علي بن جابر وقال له: لم تحكم بغير أمرنا وبغير حضور ناظرنا ووكيلنا؟. فأجاب القاضي: أن هذا الحكم جرى من بعد تقرير بطلان دعوى جانب الوقف لما طلبنا، والأمور فيها بعض من الربش بين السيدين، فإن محمد بن أحمد وإن كان أبرد في حرارة الطباع، والجميل والرعاية والاتساع، فقد ظهر منه بعض كلام شاع في الناس[80/ب] من جهة صنعاء، فإنه لما مرض الإمام ظهر من محمد بن أحمد أنه لا يترك صنعاء، فربما بلغ محمد بن الإمام فيحصل في النفوس، وإن كان قد شوحج محمد بن أحمد وأزيل عنه ما كان يعتاده من بلاده فإنه أخذ عليه محمد ابن الإمام لما تولى صنعاء زكاة أموال أهل صنعاء في الروضة والجراف، وكان ذلك أولا إليه، وأخذ خطا من والده الإمام عليه، فلم ينفذ عند ولده، وقرره والده ونقض خطه، فلا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ولم يدخل محمد بن أحمد بيته بصنعاء عقب العيد لما في النفوس، وحصل عقب ذلك غيار بقطع عنب الناظر على الوقف يحيى بن حسين السحولي بالمحاريق.
Page 399