Bahjat Qulub al-Abrar wa Qurat Uyun al-Akhiyar
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد
Investigator
عبد الكريم بن رسمي ال الدريني
Edition Number
الأولى ١٤٢٢هـ
Publication Year
٢٠٠٢م
Genres
الإنسان وإيصال ما تقدر عليه لهم من الإحسان.
ومما يدخل في هذا: أن يعاشر الخلق بحسب منازلهم. فالكبير له التوقير والاحترام. والصغير يعامله بالرحمة والرقة المناسب لحاله، والنظير يعامله بم يحب أن يعامله به. وللأم حق خاص بها، وللزوجة حق آخر، ويعامل من يُدل عليه ويثق به، ويتوسع معه، ما لا يعامل به من لا يثق به ولا يدل عليه. ويتكلم مع الملوك وأرباب الرئاسة بالكلام اللين المناسب لمراتبهم. ولهذا قال تعالى لموسى وهارون: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى، فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه:٤٣-٤٤]، ويعامل العلماء بالتوقير والإجلال والتعلم، والتواضع لهم، وإظهار الافتقار والحاجة إلى علمهم النافع، وكثرة الدعاء لهم، خصوصًا وقت تعليمهم وفتواهم الخاصة والعامة.
ومن ذلك: أمر الصغار بالخير، ونهيهم عن الشر بالرفق والترغيب، وبذل ما يناسب من الدنيا لتنشيطهم وتوجيههم إلى الخير، واجتناب العنف القولي والفعلي. ولهذا قال ﷺ: "مُروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر"١ وكذلك سلك رسول الله ﷺ مع المؤلفة قلوبهم - من العطاء الدنيوي الكثير - ما يحصل به التأليف، ويترتب عليه من المصالح. ولم يفعل ذلك مع من هو معروف بالإيمان الصادق تنزيلًا للناس منازلهم.
وكذلك مخاطبة الزوجة والأولاد الصغار بالخطاب اللائق بهم الذي فيه بسطهم، وإدخال السرور عليهم.
وكذلك من تنزيل الناس منازلهم: أن تجعل الوظائف الدينية والدنيوية والممتزجة منهما للأكفاء المتميزين، الذين يفضلون غيرهم في ولاية تلك الوظيفة. فمعلوم أن ولاية الملك: أن الواجب فيها خصوصًا - وفي غيرها عمومًا - مشاورة أهل الحل والعقد في تولية نم يصلح لها ممن جميع بين القوة والشجاعة والحلم، ومعرفة السياسة الداخلية والخارجية، ومن له القوة الكافية لتنفيذ العدل، وإيصال الحقوق إلى أهلها، وردع الظلمة والمجرمين، وغير ذلك مما يدخل في الولاية.
_________
(١) صحيح: أخرجه: أبو داود رقم: ٤٩٥، ٤٩٦، والدارقطني ٨٥-ط الهندية، والحاكم ١/١٩٧، والبيهقي ٧/٩٤، وأحمد ٢/١٨٧، العقيلي في "الضعفاء"، والخطيب في "تاريخ بغداد" ٢/٢٧٨، وانظر: "صحيح أبي داود" ٥٠٩، "المشكاة" ٥٧٢، الإرواء ٢٤٧، صحيح الجامع ٥٨٦٨.
1 / 44