Bahjat Qulub al-Abrar wa Qurat Uyun al-Akhiyar
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد
Investigator
عبد الكريم بن رسمي ال الدريني
Edition Number
الأولى ١٤٢٢هـ
Publication Year
٢٠٠٢م
Genres
الحديث الثامن: علاج الوسوسة في الْإِيمَانِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّه، وَلْيَنْتَهِ"١. وفي لفظ "فليقل: آمنت بالله ورسله"٢ متفق عليه. وَفِي لَفْظٍ "لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يقولون: من خلق الله؟ "٣.
احتوى هذا الحديث على أنه لا بد أن يلقي الشيطان هذا الإيراد الباطل: إما وسوسة محضة٤، أو على لسان شياطين الإنس وملاحدتهم. وقد وقع كما أخبر، فإن الأمرين وقعا، لا يزال الشيطان يدفع إلى قلوب من ليست لهم بصيرة هذا السؤال الباطل، ولا يزال أهل الإلحاد يلقون هذه الشبهة التي هي أبطل الشبه، ويتكلمون عن العلل وعن مواد العلم بكلام سخيف معروف.
وقد أرشد النبي ﷺ في هذا الحديث العظيم إلى دفع هذا السؤال بأمور ثلاثة: بالانتهاء، والتعوذ من الشيطان، وبالإيمان.
أما الانتهاء - وهو الأمر الأول -: فإن الله تعالى جعل للأفكار والعقول حدًا تنتهي إليه، ولا تتجاوزه. ويستحيل لو حاولت مجاوزته أن تستطيع، لأنه محال، ومحاولة المحال من الباطل والسفه، ومن أمحل المحال التسلسل في المؤثرين والفاعلين. فإن المخلوقات لها ابتداء، ولها انتهاء. وقد تتسلسل في كثير من أمورها حتى تنتهي إلى الله الذي أوجدها وأوجد ما فيها من الصفات والمواد والعناصر ﴿وَأَنَّ إلى رَبِّكَ المُنْتَهَى﴾ [النجم:٤٢]، فإذا وصلت العقول إلى الله تعالى وقفت وانتهت، فإنه الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس
_________
(١) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ٣٢٧٦، ومسلم في "صحيحه" رقم: ١٣٤ بعد ٢١٤.
(٢) أخرجه: مسلم في "صحيحه" رقم: ١٣٤ بعد ٢١٤.
(٣) أخرجه: مسلم في "صحيحه" رقم: ١٣٠ بعد ٢١٥، وأبو عوانة في "مسنده" ١/٨٢.
(٤) في المطبوع: "محصنة"!!
1 / 27