292

(252)(ومن أصر لصغير فكمن أتى الكبير في الكتاب والسنن) للصغائر من الذنوب أحكام كما أن لكبائرها أحكاما أيضا، فمن أحكام الصغائر ماهو مشترك بينها وبين الكبائر وهو كون الإصرار عليها كبيرة فإن كون الإصرار كبيرة موجود في الصغائر والكبائر، ومن أحكامها ما هو مختص بها دون الكبائر وسيأتي بيانه عند قول الناظم: (والحكم للراكب ذنبا صغرا.. البيت) ، فأما الإصرار على الصغيرة فإنه يصيرها كبيرة من كبائر الذنوب لقوله تعالى: { ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون } آل عمران : 135 بعد قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ..الآية } آل عمران : 135 فإن قوله تعالى: { ولم يصروا } معطوف على قوله: { ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم } أي ذكروا عقاب الله فحملهم ذلك على طلب الغفران والإقلاع عن الذنب وفعل ذلك واجب بعد فعل الفاحشة وبعد ظلم النفس، ووجوب ذلك قطعي لهذه الآية وغيرها فوجوب المعطوف عليه قطعي لذلك، هذا تحرير الإستدلال بالآية وفيه نظر لا يخفى على متأمل ووجه ذلك النظر أنه لو سلم وجوب ترك الإصرار لما ذكر هاهنا فليس فيه دليل على تحريمه في الصغيرة لأنه إنما سيق في مقام الإقلاع عن الفاحشة وظلم النفس وهما كبيرتان، فالأحسن الرجوع الى الإستدلال بالسنة وإجماع الأمة على أنهم لا يجتمعون على ضلالة بنص الشارع على ذلك .. فمن السنة الصريحة في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : (هلك المصرون قدما الى النار((_( ) لم يتيسر لي العثور عليه. _) وفي حديث: (لا صغيرة عند اصرار ولا كبيرة عند توبة واستغفار((_( ) أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" برقم [853] من طريق ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا بلفظ: »لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع اصرار«. وفي اسناده مقال. وجاء في "شعب الايمان" للبيهقي [7268] موقوفا على ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لا كبيرة بكبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة بصغيرة مع الاصرار." وفي اسناده الخلالي والمنيعي لم أعرفهم.

Page 325