231

والفرق بينهما أن القضاء عبارة عن وجود المكونات في اللوح إجمالا، والقدر عبارة عن وجودها في المواد تفصيلا قال تعالى: { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم } الحجر : 21 وعليه قوله - صلى الله عليه وسلم - وقد مر تحت جدار مائل فأسرع المشي فقيل: يارسول الله أتفر من قضاء الله؟ فقال : (أفر من قضاء الله إلى قدره((_( ) لم أعثر على هذه الرواية .. والمشهور أن القائل لهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين أراد الرجوع من مسيره الى بلاد الشام عندما علم بظهور الوباء فيها، فقال له أبوعبيدة - رضي الله عنه - : أفرارا من قدر الله يا عمر؟!. فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله ..الخ. ورواية ما حصل لعمر - رضي الله عنه - صحيحة ثابتة أخرجها الإمام الربيع في "مسنده" برقم [641]._) هذا في العرف الشرعي، وأما في اللغة فيتصرف كل منهما الى أوجه؛ فيرد القضاء بمعنى الخلق وهو المراد هنا قبل النقل كقوله تعالى: { فقضاهن سبع سماوات في يومين } فصلت : 12 ، ويرد بمعنى الحكم كقوله تعالى: { إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة } يونس : 93 ، ويرد بمعنى الأمر كقوله تعالى: { وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه } الإسراء : 23 ، ويرد بمعنى الخبر كقوله تعالى: { وقضينا الى بني اسرائيل في الكتاب } الإسراء : 4 ، وبمعنى الفراغ من الشيء كقوله تعالى: { فإذا قضيت الصلاة } الجمعة : 10 وقول الشاعر:

قضينا من تهامة كل ريب وخيبر ثم أغمدت السيوف

وبمعنى الصنع للشيء كقوله تعالى: { فاقض ما أنت قاض } طه : 72 أي اصنع ما أنت صانع، وقول الشاعر:

وعليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبع

فتلك ستة معان وقد جمعتها بقولي:

Page 264