والجواب عن الحديث أنه آحادي لا يعارض القطعيات فلو صح لم يفد علما(_( ) مذهب جمهور الأمة أن الحديث الآحادي ليس حجة في العقائد وإنما يستدل به في الفروع الفقهية التي تنبني على الظن كما يقولون، أما في الجوانب العقائدية فلا يحتج به لأن العقائد ثمرة اليقين ويلزم فيها القطع بالحكم لا التذبذب فيه، ويكمن السر في عدم الاحتجاج به في العقائد أن خبر الواحد ظني وإن كان راويه ثقة عدلا ضابطا إذ يحتمل أن يخطئ أو يسهو أو ينسى أو يتوهم وهذا ناشئ من تعذر العصمة لأحد خلا الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم، ولا يخلو من تلك الآفات أحد غيرهم. وحسب المنصف أن كثيرا من الثقات الأمناء أخطأوا وتوهموا خلاف الحقيقة من الصحابة فضلا عن غيرهم من ذلك حديث: »إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه« الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها كما في "صحيح مسلم" [932/27] : "يغفر الله لأبي عبدالرحمن، أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ، إنما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على يهودية يبكى عليها فقال: »إنهم ليبكون عليها، وإنها لتعذب في قبرها«." بل إن في بعض الروايات ما يفيد عدم الاطمئنان إلى خبر الواحد فقد جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: »صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر أو العصر فسلم، فقال: ذو اليدين: الصلاة يا رسول الله أنقصت؟. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: أحق ما يقول؟. قالوا: نعم. ... الحديث«. ومنه يفهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكتف بخبر ذي اليدين وهو أحد الصحابة لم يطعن فيه أحد، هذا في مسألة فقهية فرعية كما هو الظاهر فكيف بالمسائل الأصلية، والحديث رواه البخاري في "صحيحه" برقم [1227] ومسلم [573] وغيرهم.
Page 256