132

(95)(فالملك والعزة والسلطان له كذا القدرة والبرهان) أي نوجه عبادتنا اليه عظم شأنه لأجل إمتثال أمره الذي أمرنا به في الأشياء العملية، ولأجل امتثال نهيه في الأشياء التي نهانا عن فعلها، فالفعل والترك منا إنما هما لأجل الأمر والنهي فهما عبادة منا له تعالى، ومع ذلك فنحن مفوضون الأمر اليه ومسلمون لحكمه وراضون بقضائه ومتوكلون عليه، فإن شاء أن يرحمنا فذلك بمحض فضله علينا وان شاء أن يعذبنا فذلك بعدله فينا، فإن الملك والغلبة والحجة والقدرة له تعالى، فلا يعترض عليه في شيء من ملكه ولا يستطيع أحد لرد ما أراده وهو قادر على كل شيء، ومن كان مالكا للأشياء قادرا على فعل ما يريد فيها غير محكوم عليه ولا معترض عليه في شيء من أفعاله؛ فجميع ما فعله في ملكه إما عدل وإما فضل، ثم ان المصنف أخذ في بيان التنزيه فقال:

(96)(سبحانه ليس له مكان يحويه جل لا ولا زمان)

(97)(بخلقه لكل شيء نشهد وأنه في ملكه منفرد)

أي تنزيها له تعالى عن الحلول في الأمكنة، وعن الحدوث في الأزمنة، فإن المكان والزمان خلق من خلقه، ومن ضرورة العقل وجوب تقدم الخالق على المخلوق في الوجود، فلو كان تعالى حالا في مكان أو حادثا في زمان لوجب تقدم المكان والزمان عليه لضرورة العقل بذلك فيستلزم خالقا غيره، وثبوت خالق غيره باطل لما يلزم عليه من الأمور المستحيلة، وأيضا فلو كان تعالى حالا في مكان لكان المكان حاويا له فيلزم عليه تحديده وتناهيه؛ ومن كان متحددا متناهيا فليس بإله، ولو كان تعالى حادثا في زمان لوجب أن يكون له محدث غيره، ومن كان محدثا فليس بإله. وفي قوله: (وأنه في ملكه منفرد) إشارة إلى ثبوت الوحدانية له تعالى في مطلق التصرف، وهي وحدة الأفعال.

ولما نفى عنه تعالى صفتي الحلول والحدوث أخذ في نفي الصفات التي تلازمهما فقال:

(98)(ليس له شبه ولا نظير ولا وزير لا ولا مشير)

Page 164