Bahja
البهجة التوفيقية لمحمد فريد بك
Investigator
د .أحمد زكريا الشلق
Publisher
دارالكتب والوثائق القومية
Edition Number
الثانية
Publication Year
1426هـ /2005 م
Publisher Location
القاهرة / مصر
هذا ولنأت على ذكر هذه المسألة تفصيلا فنقول أن ( دوك ولنجتون ) وزير | خارجية انكلترا إذ ذاك وهو القاهر لنابليون كما سبق ، وكونت ( نسلرود ) | وزير خارجية الروسيا كانا قد اتفقا عقب اجتماعهما في شأن بطرسبورج على | التداخل بين الدولة العلية واليونان وإنالة الأخيرة استقلالها طوعا أو كرها | فحررا بلاغا للباب العالي في 26 مارث سنة 1826 بالنيابة عن دولتيهما | وبتعضيد فرنسا ، وقدموه بالإشتراك إلى السدة السلطانية طالبين به استقلال | اليونان استقلالا إداريا لا سياسيا ، بحيث يكون تعيين الحكام والمستخدمين فيها | بمعرفة أهلها تحت ملاحظة الباب العالي وأن يدفع اليونانيون خراجا معينا للدولة | العلية ، وأن المسلمين المقيمين في بلاد اليونان يهاجرون منها ويعطون عوضا عما | يكون لهم بها من المال والعقار . فرأى الباب العالي هذه المطالب فادحة ورفضها | رفضا كليا ، فعند ذلك اتفق كل من فرنسا وانكلترا والروسيا بمقتضى معاهدة | أمضيت في مدينة ( لندن ) في أوائل يوليو سنة 1827 على إلجاء الباب العالي إلى | | قبول تداخلهم في مسألة اليونان ، فأصر الباب العالي على عدم قبول تداخلهم | فأرسلت الدول الثلاث المتحدة سفنها الحربية إلى مياه اليونان . |
واقعة ناوارين البحرية :
لما علم محمد علي باشا بتداخل الدول الأجنبية أرسل إلى ولده بموره | الدونانمة المصرية حاملة أربعة آلاف عسكري وكانت السفن المصرية والعثمانية | حاملة ألفين ومائتي مدفع وتسعة عشر ألف شخص واصطفت داخل مينا | ناوارين على هيئة نصف دائرة يرتكز أحد طرفيها على قلعة البلد والآخر على | قلعة جزيرة ( سفا كتيري ) الواقعة عند مدخل الميناء التي كابد إبراهيم باشا | وسليمان بيك العناء الشديد والتعب المديد في الإستيلاء عليها كما ذكر ذلك | في محله . أما الدونانمة المتحدة فكانت أضعف من الدونانمة الإسلامية من حيث | عدد المدافع لكنها كانت أقوى منها بكثير بالنسبة إلى المتانة وانتظام الجند | وسرعة الحركات وكانت السفن الفرنساوية تحت إمرة الأميرال ( ريني ) | والإنكليزية تحت قيادة الأميرال ( كودرنجتون ) وكان قائد سفن الروسيا الأميرال | ( هيدن ) لكن كانت السفن المتحدة تحت إمرة الأميرال الإنكليزي لتوحيد | الرياسة وعدم تفرقة الكلمة ، واختير هو دون غيره لكونه الأقدم في الدرجة .
ثم دخلت الدونانمة المتحدة إلى الميناء واصطفت للقتال دون أن يجسر أحد | الطرفين على تحمل المسئولية بالإبتداء بالعداوة ومع ذلك لم يمض نصف ساعة | حتى انتشب القتال بينهما بدون إعلان حرب كما هي عادة الأمم المتمدنة ، ولا | سبب يوجب العدوان بين الطرفين إلا إغراء الروسيا للدولتين الأخيرتين على | تدمير الدونانمة التركية المصرية ، وكان يقصد الفرنساويون بذلك الفخر | والشرف بعد ما ألم بهم سنة 1815 ولم يرغب الإنكليز أن تنفرد فرنسا بهذا | العمل خوفا من زيادة نفوذها في هذه الجهات فكان الرابح في هذه الحروب | البرية الروسيا فقط كما سيجيء . |
Page 131