Bahja
البهجة التوفيقية لمحمد فريد بك
Investigator
د .أحمد زكريا الشلق
Publisher
دارالكتب والوثائق القومية
Edition Number
الثانية
Publication Year
1426هـ /2005 م
Publisher Location
القاهرة / مصر
كان الباب العالي قد تمكن في هذه الأثناء من جمع عشرين ألف مقاتل | وأرسلها لمحاربة واليب مصر تحت قيادة عثمان باشا وإلى حلب فزحف بالفعل هذا | الجيش الجرار قاصدا ( عكا ) ومستصحبا في طريقه كل ما لاقاه من عساكر | وأعراب ودروز ، سواء كانت منتظمة أو غير منتظمة ولما بلغ هذا الخبر قائد | الجيوش المصرية جمع مجلسا عسكريا من نخبة ضباطه الوطنيين والأجانب للتروي | في أحسن الطرق لرد هجمات العثمانيين فقر رأي هذا الجمع على رفع الحصار | مؤقتا وإرسال الجيوش إلا قليلا لحفظ خط الرجعة إلى ( عكا ) لمهاجمة الجيش | العثماني في طريقه والإنقضاض عليه بغتة وتفريق شمله قبل أن يأتيه المدد فقبل | إبراهيم باشا هذا المشروع وجعل نفسه رئيسا عاما على الجيش ووكل أمر | الترتيبات اللازمة لسليمان بيك فلما عهد إليه هذا الأمر جمع ستة الآف من | نخبة عسكره وعددا كثيرا من المدافع القوية وتقدم على طريق دمشق لمحاربة | الأتراك وفي هذه الأثناء لما علم عبد الله باشا الجزار بتضعضع قوة المصريين | عقب سفر نخبته ونخبة قواده إلى دمشق خرج من المدينة وهاجم المحاصرين فظهر | عليهم وأخذ الكثير من مدافعهم وقاتلهم بها ، لكن إبراهيم باشا لم يعبأ بهذه | الغلبة بل جد في طريقه لمقاتلة العثمانيين حتى إذا عاد بالنصر شدد الحصار على | ( عكا ) وفتحها عنوة . | | ثم وصل إلى مدينة ( حمص ) حيث التقى في ضواحيها مع جيش عثمان باشا | وكان هذا الجيش مؤلفا من فرسان العرب والأكراد فأحاطت بالعساكر المصرية | إحاطة الهالة بالقمر حتى كان يخيل للناظر أن الجيش المصري لا يلبث أن يتفرق | أيدي سبا ، ولكن قام حسن نظامه ومهارة ضباطه وشجاعة عساكره مقام كثرة | العدد وأغنت عن وفرة العدد وذلك أن سليمان بيك رتب العسكر على هيئة | صفوف منتظمة ووضع وراءها بطاريات المدافع حتى لا يراها المهاجم فانخدع | القائد التركي بهذه الحيلة وهجم بكل قوته على الصفوف المصرية فلم ترد | هجومهم بل ثبتت مكانها إلى أن صارت العساكر التركية على مسافة قليلة ، | فتقهقر المصريون خلف المدافع وأطلقت هذه قنابلها فكسحت كل من بالسهل | من مشاة وركبان ، وبعد ذلك اقتفى أثرهم المشاة المصريون عدو وأبلوا فيهم | بلاء حسنا وأعملوا فيها السيف والرمح إلى أن أوصلوهم إلى نهر العاصي حيث | غرق كثير من الأتراك أما عثمان باشا وباقي الضباط فاحتموا في مدينة ( حماه ) | وكانت هذه الواقعة فاتحة الفتوحات الشامية وباكورة النصر على الجيوش | التركية كما سيجيء مفصلا إن شاء الله تعالى . |
فتح مدينة عكا :
ثم صار إبراهيم باشا حتى احتل بعلبك بجيشه بعد أن أبقى في جميع الطرق من | العسكر ما يلزم لحفظ خط الرجعة ومكث هناك مدة خوفا من رجوع العثمانيين | إلى الكرة ، ولما علم أن عثمان باشا أرسل إلى الباب العالي يطلب المدد وأنه لا | يأتيه إلا بعد شهرين أو أكثر إذا أسرع في إرساله ولم يعقه عائق يوجب البطء | رجع إلى مدينة ( عكا ) وجدد الحصار عليها بكل شدة برا وبحرا بمساعدة العرب | والدروز والمارونية الذين أتوه بأنفسهم طوعا بعد أن ظهر على الأتراك ، | وكذلك الأمير بشيرا أكبر أمراء لبنان وأعظمهم شأنا ، أتى إلى معسكر إبراهيم | باشا وطلب الدخول تحت حمايته . |
Page 141