وهذه غيرها:
يقول لنا الرجال ويجزمون: إنكن خلقتن للبيت ونحن خلقنا لجلب المعاش. فليت شعري أي فرمان صدر بذلك من عند الله؟! «إنهم لو أنصفوا ولم يتحزبوا لما عيرونا بأننا قليلات النبوغ وأنه لم يسمع بأن إحدانا غيرت قاعدة في الحساب والهندسة مثلا. وليتفضل أحدهم بإخبارنا عما استنبطه من تلك القواعد. فنحن نعترف لرجال الاختراع والاكتشاف بعظيم أعمالهم، ولكني لو كنت ركبت المركب مع خريستوف كلومبس لما تعذر علي أنا أيضا أن أكتشف أمريكا.»
3
ودونك هذا الوصف الحي في غاية الحياة؛ لأنه ينطبق على بعض مشاهدات واقعية. ولكنه يتناول المرأة هذه المرة:
تسافر المرأة الإفرنجية الآن أو البدوية وحدها فتركب القطار أو الجمل، وسرعان ما تحمل متاعها أو تحضر من يحمله لها بلا ضوضاء. أما المصرية فلا تسافر إلى محطة قريبة إلا ومعها من الخدم والأقارب من تعطلت أعمالهم من أجلها، ثم تجدها لا تكاد تحرك رجلا لتنزل حتى يتحرك القطار، وإذا ساعدها الله (والأولياء!) ونزلت فما أكثر ما تفقده ولا تجده. ضاعت حقيبة المصوغات، وانكسرت القلة فبللت حبرتها، واشتبك برقعها بمفتاح العربة فانقطع خيطه، وإذا لم يسرع حشمها في التقاط أطفالها فقد يقع أحدهم تحت العجلات صريعا.
4
صدقت الباحثة، إن طائفة من النساء الشرقيات لم تتهذب منهن الحركة، فإذا مشين شعر الرائي بأنهن متنبهات لحركاتهن مرتبكات فيها، وربما سرن على غير هدى فيصطدمن بما حولهن من أثاث وجدران، ويقلبن مرغمات ما على الطاولات من إناء ومزهرية وكتاب. قد يكون هذا راجعا إلى دور الانتقال الذي نحن فيه من القديم المنبوذ إلى الجديد المحبوب، ودور الانتقال يظل أليف الحيرة والخبط والتردد إلى أن يقومه المران وتألفه العادة. ولكن من الشرقيات عموما والمسلمات خصوصا من هن موزونات الكلمة يعد ما يقتضى معهن من الأوقات لحظات أنس وهناء.
ينتشر ظرف الباحثة غالبا في سطور كما رأينا في النبذ السابقة ويجتمع أحيانا في كلمة واحدة أو جملة مختصرة كقولها في نقد الحبرة العصرية:
إن نصف إزارنا السفلي مرط (جونيلة) لا يتفق مع كلمة حجاب ولا مع معناها ولا مع الحكمة منه. أما نصفه العلوي فهو كالعمر كلما تقدم قصر. أما البرقع فأشف من قلب الطفل.
5
Unknown page