وجوب الغسل في غيره، فالحديث الثاني إذا أوجب الغسل بالتقاء الختانين، فقد أثبت ما نفاه الأول، فكان ناسخًا له. وكذا قوله ﵇: "الأئمة من قريش" اقتضى أن يكون جميع الأئمة من قريش، ومتى اقتضى ذلك اقتضى نفي الإمامة عن غيرهم، فكذلك صح منه التعلق بهذا الحديث. وكذا قوله ﵇: "الربا في النسيئة" اقتضى جميع الربا في النسيئة فاقتضى نفيه عن غيرها. على أنه روى عن النبي ﵇ أنه قال: "لا ماء إلا من الماء" وهذا صريح في نفي الغسل بدون الإنزال. وكذا روى عنه أنه قال: "لا ربا إلا النسيئة" فلعل ابن عباس ﵄ إنما نفي الربا في النقد بهذا الحديث.
أما الحكم المقيد بصفة -[فـ] لا يدل على انتفاء الحكم عما عداه، لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى، فلا يجعل دليلًا عليه.
وأما الفصل السادس: [التقييد بكلمة: إنما]
الخطاب المقيد بكلمة "إنما" كقوله ﵇: "إنما الأعمال بالنيات" وقوله ﵇: "إنما الشفعة فيما لم يقسم" وقوله ﵇: "إنما الولاء لمن أعتق" و"إنما الماء من الماء" و"إنما الربا في النسيئة".
قال بعضهم: يدل على انتفاء الحكم عما عداه، لأن المفهوم منه ذلك، ألا ترى أن من قال لغيره: "هل في الدار غير زيد"، فقيل له في الجواب: "إنما في الدار زيد": فهم أنه ليس في الدار غير زيد، من حيث العرف.
وقال بعضهم: لا يدل على نفي الحكم عما عداه، إلا إذا اقترنت به قرينة السؤال وغيرها- والدلالة على ذلك أن كلمة "إنما" مركبة من "إن" و"ما"،