273

============================================================

للطبائعيين أولا (1)، فقالوا بتأثير الأشياء بعضها في بعض، وسموا المؤثر طبيعة. وللمعتزلة ثانيا في أفعال الحيوانات، وقالوا: إن قدرتهم مؤثرة فيها بالايجاد، وأنهم الخالقون لأفعالهم، مستقلون باختراعها. واستند الطائفتان إلى المشاهدة الحسية، وريما تسبوا منكر ذلك إلى إنكار البديهة، وهو غلط. وسبيه التباس إدراك الحس بإدراك العقل؛ فإن 1100 الذي شاهدوه إنما هو تأثير/ شيء عند شيء آخر، وهو حظ الحس.

أما تاثيره فيه، فلا يدرك حسا بل عقلا، والله أعلم.

قلت: فالمحصل من المذاهب في العدوى أربعة: الأول: أن المرض يعدي بطبعه صرفا، وهذا قول(2) الكفار.

الثاني: أن المرض يعدي بأمر خلقه الله فيه وأودعه فيه، لا ينفك عنه أصلا، إلا إن وقع لصاحبه معجزة أو كرامة فيختلف. وهذا مذهب اسلامي، لكنه مرجوح.

الثالث: أن المرض يعدي، لكن لا بطيعه، بل بعادة أجراها الله تعالى فيه غالبا؛ كما آجرى العادة بإحراق النار. وقد يتخلف ذلك بارادة الله تعالى، لكن التخلف نادر في العادة.

الرابع: أن المرض لا يعدي بطبعه أصلا، بل من اتفق له وقوع ذلك المرض، فهو بخلق الله سبحانه وتعالى ذلك فيه ابتداه ولهذا ترى الكثير ممن يصيبه المرض الذي يقال إنه يعدي، يخالطه الصحيح كثيرا ولا يصيبه شيء، وترى الكثير ممن لم يخالط صاحب(2) ذلك المرض أصلا، يصيبه ذلك المرض، وكل ذلك بتقدير الله تعالى.

(1) في الأصل: والا - وهم من الناسخ، صوابه في باقي النسخ.

(2) في الأصل: تراه- تحريف، صوايه في ف، ظ: ()ف: صاحب.

Page 273