3
رغب الأديب الكبير النابه والكاتب الفنان اللبق الأستاذ زكي مبارك في كلمته إلى الكاتبة الأديبة الآنسة «حياة» أن تصف له دواء للسلوى عن الحب، فقد اعتزم الإبلال منه فيما يقول، بعد أن مست فيه العيون، وتوزعت لبه الغيد، بيد أنه اشترط عليها فيما استوصفها إياه من الوصفات والعقاقير، ألا تحميه بواعث الشوق ولا تحجر عليه أسباب الهوى ودواعي الشجن، فقال: «أرجو أن تحترس الآنسة حياة، وهي تكتب أنواع العقاقير من أن تنهاني عن التطلع إلى العيون، والخدود، والثغور، والنحور، والنهود؛ فإنه لا سبيل إلى مثل هذا المتاب، وإنما أريد أن أسلو وأنا أعبث بأفنان الجمال، كما يرد الشارب الكأس وهي تتوهج بين أنامل الساقي الجميل.»
فكان كمن يتقي الداء بالداء، ويستكف النار بالحلفاء، وأكبر الظن أن تلك الوصفات وهذه العقاقير لا تصاب في «صيدلية» آنسة خفرة حيية مثل الآنسة حياة.
من أجل ذلك نتشهى على صديقنا النبيل أن يتقبل منا أن نستطب لدائه عنها، ونصف له الدواء نحن لا هي، أجل إنه لعزيز علينا أن يرمى ذلك الجفن الغضيض بالإطراق، ويندى ذلك الجبين الوضاح بالخفر، ويضرج ذلك الخد بالحياء، فليأذن لي في أن أنشده قولي:
تناهب لبك سود العيون
وقسمت في كل نهد ونحر
دواؤك عند مراض اللحاظ
ولا يبطل السحر إلا بسحر
ذلك دواؤك الذي يطيب لك ويقر بعينك تناوله، ولا ندعو لك الله بالشفاء، من ذلك الداء، وإن أبيت إلا جفوة للحب، وعربدة على من تحب فطالما سمعناك تنشد مثل قول الشاعر:
أعز الله أنصار العيون
Unknown page