Badaic Fawaid
بدائع الفوائد
Publisher
دار الكتاب العربي
Edition Number
الأولى
Publisher Location
بيروت
Genres
Hadith
والمعبود ينبغي أن يكون ربا خالقا فهذا من أحسن الاحتجاج وأبينه فقد أسفر لك من المعنى المقصود بالسياق صحيحه ووضح لك شرحه وانجلى بحمد الله الإشكال وزال عن المعنى غطاء الإجمال وبان أن ابن قتيبة في تفسير الآية وفق للسداد كما وفق لموافقة أهل السنة في خلق أعمال العباد ولا تستطل هذا الفصل فإنه يحقق لك فصولا لا تكاد تسمعها في خلال المذكرات وتحصل لك قواعد وأصول لا تجدها في عامة المصنفات فإن قيل: فأين ما وعدتم به من الاستدلال بالآية على خلق الله لأعمال العباد على تقدير كون ما موصولة قيل نعم قد سبق "الوعد" بذلك وقد حان إنجازه وآن إبرازه ووجه الاستدلال بها على هذا التقدير أن الله سبحانه أخبر أنه خالقهم وخالق الأصنام التي عملوها وهي إنما صارت أصناما بأعمالهم فلا يقع عليها ذلك الاسم إلا بعد عملهم فإذا كان سبحانه هو الخالق اقتضى صحة هذا الإطلاق أن يكون خالقها بجملتها أعني مادتها وصورتها فإذا كانت صورتها مخلوقة لله كما أن مادتها كذلك لزم أن يكون خالقا لنفس عملهم الذي حصلت به الصورة لأنه متولد عن نفس حركاتهم فإذا كان الله خالقها كانت أعمالهم التي تولد عنها ما هو مخلوق لله مخلوقة له وهذا أحسن استدلالا وألطف من جعل ما مصدرية ونظيره من الاستدلال سواء قوله: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ﴾ والأصح أن المثل المخلوق هنا هو السفن وقد أخبر أنها مخلوقة وهي إنما صارت سفنا بأعمال العباد وأبعد من قال إن المثل هاهنا هو سفن البر وهي الإبل لوجهين أحدهما: أنها لا تسمى مثلا للسفن لا لغة ولا حقيقة فإن المثلين ما سد أحدهما مسد الآخر: وحقيقة المماثلة أن يكون بين فلك وفلك لا بين جمل وفلك الثاني أن قوله: ﴿وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ﴾ عقب ذلك دليل على أن المراد الفلك التي إذا ركبوها قدرنا على إغراقهم فذكرهم بنعمه عليهم من وجهين أحدهما: ركوبهم إياها والثاني: أن يسلمهم عند ركوبها من الغرق ونظير هذا الاستدلال أيضا قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ
1 / 152