al-Baʿit al-hatit

Ibn Katir d. 774 AH
10

al-Baʿit al-hatit

الباعث الحثيث

Investigator

أحمد محمد شاكر

Publisher

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

1435 AH

Publisher Location

الدمام‏

إسماعيل ابن كثير مع شرحه "الباعث الحثيث" للشيخ العلامة أحمد محمد شاكر ﵀. وَلَا شَكَّ أَنَّ عِلْمَ الحَدِيثِ مِن أَرْفَعِ العُلُومِ شَرَفًا وَقَدْرًا، وَأَعْلَاهَا مَكَانَةً وَشَأوًا، قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ قَدَّسَ اللهُ سِرَّهُ: "إِنَّ مِن أَهَمِّ العُلُومِ تَحْقِيقَ مَعْرِفَةِ الأَحَادِيثِ النَّبَويَّاتِ، أَعنِي مَعْرِفَةَ مُتُونِهَا صَحِيحِهَا وَحَسَنِهَا وَضَعِيفِهَا وَبَقِية أَنوَاعِهَا المعْرُوفَاتِ وَدَلِيل ذَلِكَ: أَنَّ شَرْعَنَا مَبنِيٌّ عَلَى الكِتَابِ العَزِيزِ وَالسُّنَنِ المرويَّاتِ وَعَلَى السُّنَنِ مَدَارُ أَكْثَرِ الأَحْكَامِ الفِقْهِيَّاتِ؛ فَإِنَّ أَكْثَرَ الآيَاتِ الفُرُوعِيَّاتِ مُجمَلاتٌ وَبَيَانها فِي السُّنَنِ المُحْكَمَاتِ. وَقَد اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مِن شَرطِ المُجْتَهِدِ مِنَ القَاضِي وَالمُفْتِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالأَحَادِيثِ الحُكمِيَّاتِ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الاشْتِغَالَ بِالحَدِيثِ مِن أَجَلِّ العُلُومِ الرَّاجِحَاتِ وَأَفْضَلِ أَنْوَاعِ الخَيرَ وَآكَد القُرُبَاتِ وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُو مُشْتَمِلُ عَلَى بَيَانِ حَالِ أَفْضَلِ المَخْلُوقَاتِ عَلَيهِ مِن اللهِ الكَرِيمِ أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ والسَّلَامِ وَالْبَرَكَاتِ وَلَقَدْ كَانَ أَكْثَرُ اشْتِغَالِ العُلَمَاءِ بِالحَدِيثِ فِي الأَعْصَارِ الخَالِيَاتِ حَتَّى لَقَدْ كَانَ يَجْتَمِعُ فِي مَجْلِسِ الْحَدِيثِ مِنَ الطَّالِبِينَ أُلُوفٌ مُتَكَاثِرَاتٌ فَتَنَاقَصَ ذَلِكَ وَضَعُفَتْ الهِمَمُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا آثَارٌ مِن آثَارِهِم قَلِيلَاتٌ وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى هَذِهِ المُصِيبَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ البَلِيَّاتِ، وَقَدْ جَاءَ فِي فَضْلِ إِحْيَاءِ السُّنَنِ المُمَاتَاتِ أَحَادِيْثٌ كَثِيْرَةٌ مَعْرُوفَاتٌ مَشْهُورَاتٌ فَيَنْبَغِي الاعْتِنَاءُ بِعِلْمِ الحَدِيْثِ وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الدَّلَالَاتِ وَلكَوْنِهِ أَيضًا مِنَ النَّصِيحَةِ للهِ تَعَالَى وَكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ وَللأَئِمَّةِ وَالمُسْلِمِينَ وَالمُسلِمَاتِ وَذَلِكَ هُو الدِّينُ كَمَا صَحَّ عَن سَيِّدِ البَرِيَّاتِ. وَلَقَدْ أَحْسَنَ القَائِلُ: "مَنْ جَمَعَ أَدَوَاتِ الحَدِيثِ اسْتَنَارَ قَلْبُهُ وَاسْتَخْرَجَ كُنُوزَهُ الخَفِيَّاتِ، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ

1 / 10