84

الفصل الرابع والعشرون

عند الصيدلاني الفيلسوف

كانت دكانة نعيم الصيدلاني في سوق كبيرة تدعى سوق أزال

1

وكانت تمتد على ضفة نهر صغير ينحدر من جبال في شمالي صنعاء، ويخترق رقعتها، ثم ينصرف في طريقه حتى يصب في البحر الهندي، وهذا النهر يحد سفح تل عظيم قديم العهد يسمى تل غمدان، كان عليه قصر عظيم البنيان حتى عد من عجائب الدنيا، بناه أزال بن قحطان جد العرب اليمانيين

2

ثم جرت عليه أعاصير الزمان فتهدم، وسارعت الطبيعة فدفنته كما تدفن الإنسان، وموهت على الناس أمره بما أنبتت فوقه من أشجار، وما أسكنته فيه من حيوان، وكأنه ما كان.

وكانت الدكانة جزءا من دار نعيم أو بالأحرى من بستان داره، مستقيما مع السوق؛ إذ كان هذا البستان الصغير قطعة من طرف بستان القصر العظيم في سالف العصور، ومن ثم كانت على شاطئ النهر.

كانت دار نعيم شبيهة بأكثر دور التجار والأعيان والسراة في صنعاء، وما أكثر تجارها وسراتها، بيتا من الحجر ذا دورين يحيط به بستان فيه من أنواع الثمر اليمني الأصيل والمجلوب ما تستطيع أرضه إعالته، وفيه بئر أو آبار ينشل منها الماء؛ لسقي البستان في أيام الجفاف وهي قليلة، إذ كانت البلدة كثيرة الأمطار؛ لوقوعها في أطراف المنطقة الممطرة في منتصف المسافة بين خط الاستواء ومدار السرطان،

3

Unknown page