فقال فؤاد باسما: مع لوحاته يصففها ويمسح الغبار عنها.
فقالت علية: هو لا يملها، ولا يرى جمال الكون إلا من خلالها. تعال يا فؤاد لأطلعك على لوحاتي أنا.
فقال فؤاد: لم أرها في زحمة المرسم ...
فقالت ضاحكة: لم أضعها في ذلك المرسم الضيق، فهي هنا.
وأشارت بيدها إشارة شاملة إلى الحديقة.
ثم قالت: قد اتجهت إلى هذه الحديقة بعد عودتنا معتذرة لها عن هجرتنا، فانقطعت لها أخدمها وأسقيها وأنسق أحواضها وأركانها، هذه لوحتي!
فقال فؤاد وقد عاد إليه بشره: إنها لوحة حية!
فأخذت ذراعه وسارت به نحو عريش في ركن الحديقة، وأحس لمس يدها فكأن عصا ساحر غمرته سعادة.
وقالت علية في حماسة: أترى هذا المجلس الهادئ؟
وكان العريش قائما في زاوية تلاصق البناء وتتكئ على جانبيه أعواد متسلقة ذات زهر فيها الأصفر الداكن وفيها الأبيض الناصع، ومن تحته مقاعد على قوائم من قطع غليظة من جذوع الشجر قد رصت فوقها أعواد من أغصان دقيقة، وكان بين المقاعد قطع أخرى من جذوع كأنها مناضد، ومن فوقها أصص من أزهار شتى.
Unknown page