قال فلوري بمزاج متعكر بعض الشيء: «ادخلي.»
دخلت ما هلا ماي وهي تخلع خفيها المدهونين بورنيش أحمر في المدخل. كان مسموحا لها أن تأتي للشاي، كامتياز خاص، لكن ليس لوجبات أخرى، ولا أن ترتدي خفيها في حضرة سيدها.
كانت ما هلا ماي امرأة عمرها اثنان أو ثلاثة وعشرون، وطولها ربما خمس أقدام. كانت ترتدي إزارا من ساتان صيني أزرق فاتح مطرز وبلوزة من الموسلين الأبيض المنشى تدلت عليها عدة دلايات ذهبية. أما شعرها فقد لف في كعكة سوداء محكمة مثل الأبنوس، وزين بزهور الياسمين. كان جسمها الصغير المستقيم النحيل بلا تضاريس مثل نقش بارز على شجرة. كانت مثل الدمية، بوجهها البيضاوي الجامد بلون النحاس الجديد، وعينيها الضيقتين؛ دمية غريبة لكنها جميلة جمالا متنافرا. دخلت ودخل معها الحجرة رائحة خشب الصندل وزيت جوز الهند. ثم مضت ما هلا ماي إلى الفراش، وجلست على حافته، ووضعت ذراعيها حول فلوري على نحو مفاجئ بعض الشيء.
وقالت: «لماذا لم يرسل سيدي في طلبي هذا العصر؟» «كنت نائما. والجو حار جدا لمثل ذلك الأمر.» «هل تفضل إذن النوم بمفردك على النوم مع ما هلا ماي؟ كم تراني قبيحة إذن! هل أنا قبيحة يا سيدي؟»
فقال وهو يدفعها: «ارحلي. لا أريدك في هذا الوقت من اليوم.» «إذن فلتلمسني بشفتيك على الأقل (لا يوجد في اللغة البورمية كلمة مقابلة للقبلة) كل الرجال البيض يفعلون ذلك بنسائهم.» «ها هي إذن. الآن فلتتركيني لحالي. هاتي بعض السجائر وأعطيني واحدة.» «لماذا لا تريد مطارحتي الغرام هذه الأيام قط؟ كم كان الأمر مختلفا منذ سنتين! كنت تحبني في تلك الأيام. كنت تهاديني بالأساور الذهبية والأزر الحرير من ماندالاي. لكن الآن انظر - مدت ما هلا ماي ذراعها الصغيرة المغطاة بالموسلين - لا توجد أسورة واحدة. كان لدي ثلاثون الشهر الماضي، والآن كلها مرهونة. كيف يمكنني الذهاب إلى البازار من دون أساوري، مرتدية نفس الإزار مرة تلو الأخرى؟ أشعر بالخزي أمام النساء الأخريات.» «هل هو خطئي أنك ترهنين أساورك؟» «كنت ستستردها لي منذ عامين. آه، إنك لم تعد تحب ما هلا ماي!»
أحاطته بذراعيها ثانية وقبلته، وهي العادة الأوروبية التي علمها إياها. تصاعد منها خليط من روائح خشب الصندل والثوم وزيت جوز الهند والياسمين الذي في شعرها. كانت تلك الرائحة تجعل أسنانه ترتجف. شاردا بعض الشيء، دفع رأسها إلى الوسادة ونظر إلى وجهها الغض الغريب بوجنتيه المرتفعتين، وجفنيه المشدودين وشفتيه القصيرتين المتناسقتين. كانت أسنانها جميلة نوعا ما، مثل أسنان هرة صغيرة. كان قد اشتراها من أبويها منذ عامين، مقابل ثلاثمائة روبية. بدأ يداعب عنقها البني، البازغ مثل غصن ناعم رفيع من بلوزتها التي بلا ياقة.
قال لها: «إنني أروقك فقط لأنني رجل أبيض ولدي مال.» «إنني أحبك يا سيدي. أحبك أكثر من أي شيء في العالم. لماذا تقول ذلك؟ ألم أكن دوما مخلصة لك؟» «بل لديك حبيب بورمي.» «أف!» اصطنعت ما هلا ماي القشعريرة من الفكرة، «لا أتخيل أن تلمسني أياديهم البنية الكريهة! سأموت لو لمسني أحد البورميين!» «كاذبة.»
وضع يده على ثديها. في خبيئة نفسها، لم تكن ما هلا ماي يروقها هذا، إذ كان يذكرها بوجود ثدييها - كان يفترض أن تكون المرأة البورمية المثالية بلا ثديين - استلقت ما هلا ماي وتركته يفعل بها ما يحلو له، بخضوع تام لكن بسعادة وابتسامة باهتة، مثل قطة تتيح لشخص أن يمسد على جسمها. لم تكن أحضان فلوري تعني لها شيئا (كان با بي، الأخ الأصغر لكو سلا، عشيقها سرا)، إلا أنها كانت تتألم بشدة حين يتجاهلها. في بعض الأحيان كانت تضطر لوضع أشربة الحب في طعامه. كانت تهوى تلك الحياة الفارغة للمحظية، وزياراتها لقريتها مرتدية كل زينتها، حيث كانت تستطيع التباهي بوضعها كزوجة رجل أبيض؛ فقد كانت أقنعت الجميع، بما فيهم نفسها، بأنها زوجة فلوري الشرعية.
حين فرغ فلوري منها أدبر عنها، منهكا وخجلا، واستلقى صامتا تغطي يده اليسرى وحمته. كان دائما ما يتذكر وحمته حين يقدم على شيء يخجل منه. دس وجهه باشمئزاز في الوسادة، التي كانت رطبة وتفوح منها رائحة زيت جوز الهند. كان الحر رهيبا، والحمام بالخارج لا يزال على هديله الرتيب. اضطجعت ما هلا ماي عارية بجانب فلوري، وجعلت تهوي عليه برقة بمروحة من الخوص أخذتها من على المنضدة.
ما لبثت أن نهضت وارتدت ملابسها، وأشعلت سيجارة. ثم عادت للفراش وجلست وراحت تمسد كتف فلوري العاري. كان بياض بشرته يبهرها، بسبب غرابته والإحساس بالنفوذ الذي يمنحها إياه. هز فلوري كتفه ليبعد يدها؛ إذ كانت في هذه الأوقات تصير مثيرة للغثيان وكريهة له، فلم يرغب إلا في إبعادها عن ناظريه.
Unknown page