Al-Awsaṭ min al-sunan waʾl-ijmāʿ waʾl-ikhtilāf
الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف
Investigator
أبو حماد صغير أحمد بن محمد حنيف
Publisher
دار طيبة-الرياض
Edition Number
الأولى - ١٤٠٥ هـ
Publication Year
١٩٨٥ م
Publisher Location
السعودية
٣٤٦ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ تَوَضَّأَ وَهُوَ لَا يَنْوِي بَوُضُوئِهِ الطَّهَارَةَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يُجْزِيهِ، كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ فَرْقٌ، ⦗٣٧٠⦘ وَفَرَّقَتْ طَائِفَةٌ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ فَقَالَتْ: يَجْزِي الْوُضُوءُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَلَا يُجْزِي التَّيَمُّمُ إِلَّا بِنِيَّةٍ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، قَالَ الثَّوْرِيُّ: إِذَا عَلَّمْتَ رَجُلًا التَّيَمُّمَ فَلَا يُجْزِيكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ نَوَيْتَ أَنَّكَ تَيَمَّمُ لِنَفْسِكَ، فَإِذَا عَلَّمْتَهُ الْوُضُوءَ أَجْزَأَكَ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ حُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُعَلِّمُ الرَّجُلَ التَّيَمُّمَ وَهُوَ لَا يَنْوِي أَنْ يَتَيَمَّمَ لِنَفْسِهِ إِنَّمَا عَلَّمَهُ ثُمَّ حَضَرِتِ الصَّلَاةُ، قَالَ: يُصَلِّي عَلَى تَيَمُّمِهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ وَهُوَ لَا يَنْوِي الصَّلَاةَ كَانَ طَاهِرًا، هَذِهِ حِكَايَةُ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَحَكَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُجْزِيهِ فِي التَّيَمُّمِ وَيُجْزِيهِ فِي الْوُضُوءِ، وَحَكَى الْوَلِيدُ مِثْلَهُ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا حِكَايَتُهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ فَكَمَا حَكَى لِمُوَافَقَتِهِ حِكَايَةَ الْأَشْجَعِيِّ وَالْعَدَنِيِّ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ وَالْفَارِيَابِيِّ عَنْهُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ فَمَا رَوَاهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَصَحُّ وَاللهُ أَعْلَمُ. ⦗٣٧١⦘ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَلَّ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ ﷺ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ» لَمَّا عَمَّ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ وَلَمْ يَخُصَّ مِنْهَا شَيْئًا أَنَّ ذَلِكَ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ ثُمَّ بَيَّنَ تَصَرُّفَ الْإِرَادَاتِ، فَقَالَ: «مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مُؤَدِّيًا إِلَى اللهِ مَا فَرَضَ عَلَيْهِ، مَنْ دَخَلَ الْمَاءَ يُعَلِّمُ آخَرَ السَّبَّاحَةَ بِدِرْهَمٍ أَخَذَهُ أَوْ مَرِيدًا لِلتَّبْرِيدِ وَالتَّلَذُّذِ غَيْرَ مُرِيدٍ لِتَأْدِيَةِ فَرْضٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدِ اللهَ قَطُّ بِعَمَلِهِ قَالَ اللهُ: ﴿وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾ [الشورى: ٢٠] قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ مَنْ قَصَدَ دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا يَأْخُذُهُ لِيُعَلِّمَ آخَرَ السَّبَّاحَةَ لَا يَقْصِدُ غَيْرَ ذَلِكَ مُؤْدِيًا فَرْضًا لِلَّهِ عَلَيْهِ فِي الطَّهَارَةِ يُخَالِفُ كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ مَعَ أَنَّ الْمُنَاقَضَةَ لَا تُفَارِقُهُ حَيْثُ أَوْجَبَ النِّيَّةَ فِي التَّيَمُّمِ وَأَبْطَلَهَا فِي الْوُضُوءِ وَالْخَبَرُ الَّذِي بِهِ يُوجِبُ النِّيَّةَ فِي التَّيَمُّمِ هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ بَاقِي الْحُجَجِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا تَوَضَّأَ يَنْوِي طَهَارَةً مِنْ حَدَثٍ أَوْ، طَهَارَةً لِصَلَاةِ فَرِيضَةٍ أَوْ نَافِلَةٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ صَلَاةٍ عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الْمَكْتُوبَةَ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِنَا وَكَذَلِكَ نَقُولُ
1 / 369