154

Al-Awsaṭ min al-sunan waʾl-ijmāʿ waʾl-ikhtilāf

الأوسط من السنن والإجماع والاختلاف

Investigator

أبو حماد صغير أحمد بن محمد حنيف

Publisher

دار طيبة-الرياض

Edition Number

الأولى - ١٤٠٥ هـ

Publication Year

١٩٨٥ م

Publisher Location

السعودية

٢٣١ - وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي كَامِلٍ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلْهُ فَإِنَّهُ رِجْسٌ، ثُمَّ اشْرَبْ فِيهِ وَتَوَضَّأْ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ يُغْسَلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، هَكَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَقَالَ عَطَاءٌ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ سَمِعْتُ سَبْعًا أَوْ خَمْسًا وَثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَالَ قَائِلٌ: يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِيهِ كَمَا يُغْسَلُ مِنْ غَيْرِهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ الَّذِي يَلَغُ فِيهِ الْكَلْبُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمَاءُ طَاهِرٌ يُتَطَهَّرُ بِهِ لِلصَّلَاةِ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ كَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ، وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ تَوَضَّأَ بِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِالْمَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ ثُمَّ يَتَيَمَّمْ بَعْدَهُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَعَبْدُ ⦗٣٠٧⦘ الْمَلِكِ الْمَاجِشُونُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمَاءُ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ نَجِسٌ يُهَرَاقُ وَيُغْسَلُ الْإِنَاءُ سَبْعًا أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالدَّلِيلُ عَلَى إِثْبَاتِ النَّجَاسَةِ لِلْمَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ غَيْرَ مَوْجُودٌ فَلَيْسَ فِي أَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ بِأَنْ يُغْسَلَ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِيهِ سَبْعًا دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَاءِ الَّذِي يَلَغُ فِيهِ الْكَلْبُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ قَدْ يَتَعَبَّدُ عِبَادَهُ بِمَا شَاءَ فَمِمَّا تَعَبَّدَهُمْ بِهِ أَنْ أَمَرَهُمْ بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي لَا نَجَاسَةَ عَلَيْهَا غَسْلُ عِبَادَةٍ لَا لِنَجَاسَةٍ. وَكَذَلِكَ أَمَرَ الْجُنُبَ بِالِاغْتِسَالِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ قَالَ لِرَجُلٍ جُنُبٍ: «الْمُؤْمِنُ لَيْسَ بِنَجَسٍ» وَقَوْلُهُ: «طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ» يَحْتَمِلُ هَذَا الْمَعْنَى أَنْ تَكُونَ طَهَارَةَ عِبَادَةٍ، لَا طَهَارَةَ نَجَاسَةٍ، وَإِذَا احْتَمَلَ الشَّيْءُ مَعْنَيَيْنِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصْرَفَ إِلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآَخَرِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ النَّجَاسَاتِ تُزَالُ بِثَلَاثِ غَسَلَاتٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ تُزَالُ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ كَالدَّمِ وَالْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ وَالْخَمْرِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمَاءِ الْمُخْتَلِطِ بِهِ لُعَابُ الْكَلْبِ أَكْبَرَ فِي النَّجَاسَةِ مِنْ بَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ لُعَابَ الْكَلْبِ أَكْبَرُ فِي النَّجَاسَةِ ⦗٣٠٨⦘ لَوَجَبَ أَنْ يُطَهَّرَ الْإِنَاءُ بِثَلَاثِ غَسَلَاتٍ أَوْ بِغَسْلَةٍ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْغَسَلَاتُ الْأَرْبَعُ بَعْدَ الثَّلَاثِ عِبَادَةً إِذْ لَيْسَ بِمَعْقُولٍ أَنَّ النَّجَاسَةَ بَاقِيَةٌ فِيهِ بَعْدَ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ، وَإِذَا كَانَ هَكَذَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا فِي أَنَّهَا عُبَادَةٌ حُكْمَ الْغَسَلَاتِ الْأَرْبَعِ، وَلَا أَعْلَمُ مَعَ مَنْ أَثْبَتِ نَجَاسَةَ لُعَابِ الْكَلْبِ حُجَّةً، وَقَدْ كَتَبْتُ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَتَمَّ مِنْ هَذَا

1 / 306